[ ص: 422 ] الباب السابع والعشرون
فـي
nindex.php?page=treesubj&link=27361_33608الأحبـــاس
وهي كثيرة الفروع ، مختلطة الشروط ، متباينة المقاصد ، فينبغي لكاتبها أن يكون حسن التصرف في وقائعها ، عارفا بفروعها وقواعدها ، وأنا أذكر منها ما يكون عونا على غيره : هذا ما وقف وحبس وأبل وسبل وحرم وتصدق فلان بن فلان ، وأشهد على نفسه ، وقفا صحيحا شرعيا تقرب به وأوقفه إلى الله تعالى رغبة فيما لديه ، وذخيرة له إلى يوم العرض عليه ، يوم يجزي الله المتصدقين ، ولا يضيع أجر المحسنين ، وهو جميع الدار التي في يده وملكه وتصرفه التي عرفها وأحاط بها علما وخبرة ، وتوصف وتحدد ، على أولاده لصلبه ، وهم فلان وفلان وفلان المراهقين ، وعلى من يحدث الله له من ولد غيرهم ذكرا كان أو أنثى للذكر مثل حظ الأنثيين ، أيام حياتهم ، ثم من بعدهم على أولادهم ، وأولاد أولادهم ، وإن سفلوا الذكور والإناث من ولد الظهر والبطن ، أبدا ما تناسلوا ، ودائما ما تعاقبوا طبقة بعد طبقة ، ونسلا بعد نسل ، الأقرب فالأقرب ، تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى أو على إن مات من هؤلاء الموقوف عليهم أولا ، وممن يحدثه الله تعالى له ، انتقل نصيب المتوفى منهم لأولاده وأولاد أولاده وإن سفلوا للذكر مثل حظ الأنثيين ، طبقة بعد طبقة ، ونسلا بعد نسل ، تحجب الطبقة العليا منهم الطبقة السفلى ، فإن لم يكن للمتوفى ولد انتقل نصيبه لإخوته أشقائه الذين هم في درجته ، الداخلين معه في هذا الوقف بينهم ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن
[ ص: 423 ] يكن أحد من الإخوة موجودا ، وكان لهم أولاد ، انتقل نصيب المتوفى لهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، ثم من بعدهم لأولادهم وأولاد أولادهم طبقة بعد طبقة ، ونسلا بعد نسل ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن لم يوجد أحد من أولاد هذا الواقف ولا من أولاد أولادهم وانقرضوا ، كان ذلك وقفا على المسجونين والمعتقلين ، وفي سجون الحكام وولاة أمور المسلمين ، بالبلد الفلاني وأعمالهم وظواهرهما ، المنسوب ذلك إليهما ، من الرجال والنساء والصبيان ، يقوم الناظر بذلك عليهم ، ويوصله إليهم ، على ما يراه من مساواة ، ونقصان ، وحرمان ، من صرفه نقدا أو خبزا أو ماء أو ثريدا أو كسوة ، أو وفاء دين ، أو مطبخة عليه أو قصاص ، أو غير ذلك ، فإن تعذر الصرف إلى المسجونين بالمواضع المذكورة صرف ذلك في فكاك المسلمين من يد العدو الكافر المخذول على اختلاف أجناسهم من الفرنج ، والنشر ، والروم ، والأرمن ، والسليس ، والكرج ، وغير ذلك مما قرب من بلاد العدو المخذول وما بعد منها ، يستفك الناس من ذلك أسرى المسلمين ، الرجال منهم والنساء والصبيان والأطفال ، على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وبلادهم ، على ما يراه . الناظر في افتكاك رقبة كاملة ، أو المشاركة فيها إلى أن يستغرف صرف الريع في خلاصهم ، واحدا كان أو أكثر ، وله أن يسير ما يتحمل من الربع في كل وقت وأوان ، على يد من يراه ممن يثق به ويرتضيه من التجار وغيرهم إلى بلاد العدو الكافر المخذول ; ليصرف ما يتسلم من ريع الوقف في فكاك الأسرى على ما عين أعلاه .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=26567حضر من يسعى في فكاك أسير واحد أو أكثر ، وتبين للناظر صحة أمر من يسعى في خلاصه ، صرف له الناظر من ريع هذا الوقف ما يراه ، ويؤدي إليه اجتهاده ، فإن تعذر صرف ذلك إلى الأسرى ، صرف ذلك إلى الفقراء والمساكين المسلمين أينما كانوا وحيث ما وجدوا من الديار المصرية ، على ما يراه الناظر في
[ ص: 424 ] ذلك ، ومتى أمكن الصرف إلى الجهة المعذرة صرف إليها ، يجري ذلك كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، وعلى الناظر في هذا الوقف يؤجره لمن شاء من طويل المدة وقصيرها ، بما يراه من الأجرة المعجلة أو المؤجلة ، بأجرة المثل فما فوقها ، ولا يتعجل أجرة ، ولا يدخل عقدا في عقد ، إلا أن يجد لمخالفته ذلك مصلحة ظاهرة ، أو غبطة وافرة ، ويستغل بأجره الاستغلال الشرعي ، وما حصل من ريعه بدا منه بعمارته ومرمته وإصلاحه وما فيه بقاب عينه ، ثم ما فضل بعد تصرفه لمستحقيه على ما شرح أعلاه ، وجعل الواقف النظر في هذا الوقف والولاية عليه لفلان ، وتذكر شروط الناظر من تشديد وتسهيل ، فإن تعذر النظر من فلان بسبب من الأسباب كان النظر في ذلك لحاكم المسلمين بالبلد الفلاني ، ومتى عاد إمكان النظر إلى مستحقه ، نظر دون الحاكم ، ولكل ناظر في هذا الوقف أن يستنيب عنه في ذلك من هو أهل له وعلى كل ناظر في هذا الوقف أن يتعاهد إثباته عند الحكام ، ويحفظه بتواتر الشهادات واتصال الأحكام ، وله أن يصرف من الوقت كلفة إثباته على ما جرت به العادة : وقف فلان المبدأ باسمه ، جميع ذلك على الجهات المعينة ، والشروط المبينة ، على ما شرح أعلاه ، وقفا صحيحا شرعيا مؤبدا ، دائما سرمدا ، وصدقة موقوفة لا تباع ولا توهب ولا تملك ولا ترهن ولا تتلف بوجه تلف ، قائمة على أصولها ، محفوظة على شروطها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، وقبل جميع هذا الوقف لما شرح فيه الموقوف عليه ذلك لنفسه ، قبولا شرعيا ، وتسلم الموقوف عليه الدار المذكورة بإذن الواقف له في ذلك ، وصارت بيده وقبضه وحوزه وملكه بعد النظر والمعرفة والإحاطة به علما وخبرة ، فقد تم هذا الوقف ووجب ، وأخرجه هذا الواقف عن يده ، وأبانه عن حيازته ، وسلمه
[ ص: 425 ] لمستحقه ، وصار بيده وقفا عليه ، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر إخراجه من أهله ، فحرام على من غيره أو بدله بعد ما سمعه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم ) وتؤرخ ، وذكر القبول إنما يذكر إذا كان الموقوف عليه معينا ، وتفاصيل الأوقاف لا تتناهى ، وهذا القدر منبه على ما يقال في غيره فليقتصر عليه .
فـرع
وقع في النـزاع بين فقهاء العصر ، وهو بعيد الغور ، ينبغي الوقوف عليه ، وهو إذا قيل : فمن مات منه فنصيبه لأهل طبقته ، وقد تقدم قبل هذا الشرط ذكر الواقف ، فيبقى الضمير دائرا بين
nindex.php?page=treesubj&link=33608طبقة الواقف والموقوف عليه [ . . . . . ] ابن الأخ وابن العم ; لأنه مع ابن عمه ، الجميع أولاد عم ، وهو مع أخيه الكل إخوة ، فكلا الجهتين طبقة واحدة ، فينبغي أن يبين ذلك ، فيقال : من إخوته ، أو يقال : الأقرب فالأقرب ، فيتعين الأخ ، فإنه وإن كان في الطبقة وابن العم كذلك ، إلا أن الأخ أقرب ، فإن قال : الأقرب فالأقرب فافترقا بالتسوية بين الشقيقين وأخ الأب ، فإن حجب الشقيق له ليس بالقرب بل بالقوة ، فإن قال : طبقة وسكت فأب بعضهم بالأخ دون ابن العم ، قال : لأنه حمل للفظ على أثر موارده ، وبعض الفقهاء يتوهم أنه إذا قيل في طبقته ، فلا احتمال فيه ، وليس كما قال لما بينت لك .
[ ص: 422 ] الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ
فِـي
nindex.php?page=treesubj&link=27361_33608الْأَحْبَـــاسِ
وَهَيَ كَثِيرَةُ الْفُرُوعِ ، مُخْتَلِطَةُ الشُّرُوطِ ، مُتَبَايِنَةُ الْمَقَاصِدِ ، فَيَنْبَغِي لِكَاتِبِهَا أَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّصَرُّفِ فِي وَقَائِعِهَا ، عَارِفًا بِفُرُوعِهَا وَقَوَاعِدِهَا ، وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَكُونُ عَوْنًا عَلَى غَيْرِهِ : هَذَا مَا وَقَفَ وَحَبَسَ وَأَبَلَ وَسَبَلَ وَحَرَمَ وَتَصَدَّقَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقْفًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا تَقَرَّبَ بِهِ وَأَوْقَفَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَغْبَةً فِيمَا لَدَيْهِ ، وَذَخِيرَةً لَهُ إِلَى يَوْمِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ ، يَوْمَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَصَدِّقِينَ ، وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ، وَهُوَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ وَتَصْرُّفِهِ الَّتِي عَرَفَهَا وَأَحَاطَ بِهَا عِلْمًا وَخِبْرَةً ، وَتُوصَفُ وَتُحَدَّدُ ، عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ ، وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمُرَاهِقِينَ ، وَعَلَى مَنْ يُحْدِثُ اللَّهُ لَهُ مِنْ وَلَدٍ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، أَيَّامَ حَيَاتِهِمْ ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ، وَإِنْ سَفَلُوا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ ، أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ، وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ، وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ ، الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى أَوْ عَلَى إِنْ مَاتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا ، وَمِمَّنْ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ، انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى مِنْهُمْ لِأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ، وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ ، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى وَلَدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ أَشِقَّائِهِ الَّذِينَ هُمْ فِي دَرَجَتِهِ ، الدَّاخِلِينَ مَعَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَهُمْ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ
[ ص: 423 ] يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْإِخْوَةِ مَوْجُودًا ، وَكَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ ، انْتَقَلَ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى لَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ، وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ هَذَا الْوَاقِفِ وَلَا مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَانْقَرَضُوا ، كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجُونِينَ وَالْمُعْتَقَلِينَ ، وَفِي سُجُونِ الْحُكَّامِ وَوُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَأَعْمَالِهِمْ وَظَوَاهِرِهِمَا ، الْمَنْسُوبُ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، يَقُومُ النَّاظِرُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَيُوَصِّلُهُ إِلَيْهِمْ ، عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ مُسَاوَاةٍ ، وَنُقْصَانٍ ، وَحِرْمَانٍ ، مِنْ صَرْفِهِ نَقْدًا أَوْ خُبْزًا أَوْ مَاءً أَوْ ثَرِيدًا أَوْ كُسْوَةً ، أَوْ وَفَاءِ دَيْنٍ ، أَوْ مُطْبَخَةٍ عَلَيْهِ أَوْ قِصَاصٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ إِلَى الْمَسْجُونِينَ بِالْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ صَرَفَ ذَلِكَ فِي فِكَاكِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ الْمَخْذُولِ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِمْ مِنَ الْفِرِنْجِ ، وَالنَّشَرِ ، وَالرُّومِ ، وَالْأَرْمَنِ ، وَالسَّلِيسِ ، وَالْكَرَجِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَرُبَ مِنْ بِلَادِ الْعَدُوِّ الْمَخْذُولِ وَمَا بَعُدَ مِنْهَا ، يَسْتَفِكُّ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ ، الرِّجَالَ مِنْهُمْ وَالنِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالْأَطْفَالَ ، عَلَى اخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ وَأَجْنَاسِهِمْ وَبِلَادِهِمْ ، عَلَى مَا يَرَاهُ . النَّاظِرُ فِي افْتِكَاكِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ ، أَوِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا إِلَى أَنْ يَسْتَغْرِفَ صَرْفَ الرِّيعِ فِي خَلَاصِهِمْ ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ، وَلَهُ أَنْ يُسَيِّرَ مَا يَتَحَمَّلُ مِنَ الرُّبُعِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ ، عَلَى يَدِ مَنْ يَرَاهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيَرْتَضِيهِ مِنَ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ الْكَافِرِ الْمَخْذُولِ ; لِيَصْرِفَ مَا يَتَسَلَّمُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي فِكَاكِ الْأَسْرَى عَلَى مَا عُيِّنَ أَعْلَاهُ .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=26567حَضَرَ مَنْ يَسْعَى فِي فِكَاكِ أَسِيرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ ، وَتَبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ صِحَّةُ أَمْرِ مَنْ يَسْعَى فِي خَلَاصِهِ ، صَرَفَ لَهُ النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ هَذَا الْوَقْفِ مَا يَرَاهُ ، وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادَهُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صَرْفُ ذَلِكَ إِلَى الْأَسْرَى ، صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ أَيْنَمَا كَانُوا وَحَيْثُ مَا وُجِدُوا مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ، عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ فِي
[ ص: 424 ] ذَلِكَ ، وَمَتَى أَمْكَنَ الصَّرْفُ إِلَى الْجِهَةِ الْمُعْذِرَةِ صَرَفَ إِلَيْهَا ، يَجْرِي ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ، وَعَلَى النَّاظِرِ فِي هَذَا الْوَقْفِ يُؤَجِّرُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ طَوِيلِ الْمُدَّةِ وَقَصِيرِهَا ، بِمَا يَرَاهُ مِنَ الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَوِ الْمُؤَجَّلَةِ ، بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَمَا فَوْقَهَا ، وَلَا يَتَعَجَّلُ أُجْرَةً ، وَلَا يُدْخِلُ عَقْدًا فِي عَقْدٍ ، إِلَّا أَنْ يَجِدَ لِمُخَالَفَتِهِ ذَلِكَ مَصْلَحَةً ظَاهِرَةً ، أَوْ غِبْطَةً وَافِرَةً ، وَيَسْتَغِلُّ بِأَجْرِهِ الِاسْتِغْلَالَ الشَّرْعِيَّ ، وَمَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ بَدَا مِنْهُ بِعِمَارَتِهِ وَمَرَمَّتِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَمَا فِيهِ بِقَابِ عَيْنِهِ ، ثُمَّ مَا فَضَلَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ لِمُسْتَحِقِّيهِ عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ ، وَجَعَلَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ ، وَتَذْكُرُ شُرُوطَ النَّاظِرِ مِنْ تَشْدِيدٍ وَتَسْهِيلٍ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ النَّظَرُ مِنْ فُلَانٍ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ كَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ، وَمَتَى عَادَ إِمْكَانُ النَّظَرِ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ ، نَظَرَ دُونَ الْحَاكِمِ ، وَلِكُلِّ نَاظِرٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنَّ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ وَعَلَى كُلِّ نَاظِرٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ أَنْ يَتَعَاهَدَ إِثْبَاتَهُ عِنْدَ الْحُكَّامِ ، وَيَحْفَظَهُ بِتَوَاتُرِ الشَّهَادَاتِ وَاتِّصَالِ الْأَحْكَامِ ، وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ مِنَ الْوَقْتِ كُلْفَةَ إِثْبَاتِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ : وَقَفَ فُلَانٌ الْمُبْدَأُ بِاسْمِهِ ، جَمِيعَ ذَلِكَ عَلَى الْجِهَاتِ الْمُعَيَّنَةِ ، وَالشُّرُوطِ الْمُبَيَّنَةِ ، عَلَى مَا شُرِحَ أَعْلَاهُ ، وَقْفًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُؤَبَّدًا ، دَائِمًا سَرْمَدًا ، وَصَدَقَةً مَوْقُوفَةً لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُمَلَّكُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُتْلَفُ بِوَجْهِ تَلَفٍ ، قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا ، مَحْفُوظَةً عَلَى شُرُوطِهَا إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ، وَقَبِلَ جَمِيعَ هَذَا الْوَقْفِ لِمَا شَرَحَ فِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ ، قَبُولًا شَرْعِيًّا ، وَتَسَلَّمَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَصَارَتْ بِيَدِهِ وَقَبْضِهِ وَحَوْزِهِ وَمِلْكِهِ بَعْدَ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِحَاطَةِ بِهِ عِلْمًا وَخِبْرَةً ، فَقَدْ تَمَّ هَذَا الْوَقْفُ وَوَجَبَ ، وَأَخْرَجَهُ هَذَا الْوَاقِفُ عَنْ يَدِهِ ، وَأَبَانَهُ عَنْ حِيَازَتِهِ ، وَسَلَّمَهُ
[ ص: 425 ] لِمُسْتَحِقِّهِ ، وَصَارَ بِيَدِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِخْرَاجُهُ مَنْ أَهْلِهِ ، فَحَرَامٌ عَلَى مَنْ غَيَّرَهُ أَوْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وَتُؤَرِّخُ ، وَذِكْرُ الْقَبُولِ إِنَّمَا يُذْكَرُ إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا ، وَتَفَاصِيلُ الْأَوْقَافِ لَا تَتَنَاهَى ، وَهَذَا الْقَدْرُ مُنَبِّهٌ عَلَى مَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ فَلْيُقْتَصَرْ عَلَيْهِ .
فَـرْعٌ
وَقَعَ فِي النِّـزَاعِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ ، وَهُوَ بِعِيدُ الْغَوْرِ ، يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ إِذَا قِيلَ : فَمَنْ مَاتَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ طَبَقَتِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الشَّرْطِ ذِكْرُ الْوَاقِفِ ، فَيَبْقَى الضَّمِيرُ دَائِرًا بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=33608طَبَقَةِ الْوَاقِفِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ [ . . . . . ] ابْنِ الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ ; لِأَنَّهُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ ، الْجَمِيعُ أَوْلَادُ عَمٍّ ، وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ الْكَلُّ إِخْوَةٌ ، فَكِلَا الْجِهَتَيْنِ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ ، فَيُقَالُ : مِنْ إِخْوَتِهِ ، أَوْ يُقَالُ : الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، فَيَتَعَيَّنُ الْأَخُ ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الطَّبَقَةِ وَابْنُ الْعَمِّ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّ الْأَخَ أَقْرَبُ ، فَإِنْ قَالَ : الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَافْتَرَقَا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الشَّقِيقَيْنِ وَأَخِ الْأَبِ ، فَإِنَّ حَجْبَ الشَّقِيقِ لَهُ لَيْسَ بِالْقُرْبِ بَلْ بِالْقُوَّةِ ، فَإِنْ قَالَ : طَبَقَةٌ وَسَكَتَ فَأَبُ بَعْضِهِمْ بِالْأَخِ دُونَ ابْنِ الْعَمِّ ، قَالَ : لِأَنَّهُ حَمْلٌ لِلَّفْظِ عَلَى أَثَرِ مَوَارِدِهِ ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ فِي طَبَقَتِهِ ، فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِمَا بَيَّنْتُ لَكَ .