الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثالثة قوله تعالى : { إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين } .

                                                                                                                                                                                                              قد تكلمنا على الاستثناء في أصول الفقه بما فيه بلاغ للطلبة ، وأوضحنا أن الاستثناء الثاني يرجع إلى ما يليه ، ولا يتعلق بالأول من الكلام تعلق الأول من الاستثناء به ، لاستحالة ذلك فيه .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 104 ] وبيانه الآن على اختصار لكم أنا لو علقناه بالأول كما علقناه بما يليه لكان ذلك تناقضا وصار الكلام نفيا لما أثبت ، وإثباتا لما نفي ، وذلك لأن الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات ، فإذا كان الأول إثباتا فالاستثناء منه نفي ; ثم إن استثنى من النفي فإنما يستثنى به إثبات ، فيصير هذا المستثنى الآخر منفيا بالاستثناء الأول مثبتا بالثاني ، وهذا تناقض ، وبسطه وإيضاحه في الأصول ، فأبان الله تعالى بقوله : { إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين } إلا آل لوط فليسوا منهم ، إلا امرأته فإنها خارجة عن آله ، فترتب عليها من الفقه قول المقر : عندي عشرة إلا ثلاثة إلا واحدا ، فثبت الإقرار بثمانية ، ويترتب عليه قول المطلق لزوجته : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة ، فتكون اثنتين ، وهذا ظاهر فأغنى عن الإطناب فيه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية