الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1889 ) فصل : ويعتبر في النصاب في الحلي الذي تجب فيه الزكاة بالوزن ، فلو ملك حليا قيمته مائتا درهم ، ووزنه دون المائتين ، لم يكن عليه زكاة . وإن بلغ مائتين وزنا ، ففيه الزكاة ، وإن نقص في القيمة ; لقوله عليه السلام : { ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة . } .

                                                                                                                                            اللهم إلا أن يكون الحلي للتجارة فيقوم ، فإذا بلغت قيمته بالذهب والفضة نصابا ، ففيه الزكاة ; لأن الزكاة متعلقة بالقيمة ، وما لم يكن للتجارة فالزكاة في عينه ، فيعتبر أن يبلغ بقيمته ووزنه نصابا ، وهو مخير بين إخراج ربع عشر حليه مشاعا ، أو دفع ما يساوي ربع عشرها من جنسها ، وإن زاد في الوزن على ربع العشر ; لما بينا أن الربا لا يجري هاهنا . ولو أراد كسرها ودفع ربع عشرها لم يكن منه ; لأنه ينقص قيمتها .

                                                                                                                                            وهذا مذهب الشافعي وقال مالك الاعتبار بالوزن ، وإذا كان وزن الحلي عشرين وقيمته ثلاثون ، فعليه نصف مثقال ، لا تزيد قيمته شيئا ; لأنه نصاب من جنس الأثمان ، فتعلقت الزكاة [ ص: 324 ] بوزنه ، لا بصفته ، كالدراهم المضروبة . ولنا ، أن الصناعة صارت صفة للنصاب لها قيمة مقصودة ، فوجب اعتبارها كالجودة في سائر أموال الزكاة . ودليلهم نقول به ، وأن الزكاة تتعلق بوزنه وصفته جميعا ، كالجيد من الذهب والفضة ، والمواشي ، والحبوب ، والثمار ، فإنه لا يجزئه إخراج رديء عن جيد ، كذلك هاهنا .

                                                                                                                                            وإن أراد إخراج الفضة عن حلي الذهب ، أو الذهب عن الفضة ، أخرج على الوجهين ، كما قدمنا في إخراج أحد النقدين عن الآخر . وذكر ابن عقيل أن الاعتبار في قدر النصاب أيضا بالقيمة ، فلو ملك حليا وزنه تسعة عشر ، وقيمته عشرون لأجل الصناعة ، ففيه الزكاة ، وظاهر كلام أحمد اعتبار الوزن ، وهو ظاهر نصه ، لقوله : { ليس فيما دون خمس أواق صدقة } . ولأنه مال تجب الزكاة في عينه ، فلا تعتبر قيمة الدنانير المضروبة ، لأن زيادة القيمة بالصناعة ، كزيادتها بنفاسة جوهره ، فكما لا تجب الزيادة فيما كان نفيس الجوهر ، كذلك الآخر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية