الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 112 ] الآية التاسعة

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } .

                                                                                                                                                                                                              فيها ست مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : في تفسير السبع : وفي ذلك أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : أن السبع قيل : هي [ أول ] السور الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، وبراءة تتمة الأنفال .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : السابعة التي يذكر فيها يونس ; قال ابن عباس ، وابن عمر وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنها الحمد ، سبع آيات ; قاله ابن مسعود وغيره .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنها سبع آيات من القرآن .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنها الأمر ، والنهي ، والبشرى ، والنذارة ، وضرب الأمثال ، وإعداد النعم ، ونبأ الأمم .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : في المثاني : وفيها [ أربعة ] أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : هي السبع الطوال بنفسها ; لأنها تثنى فيها المعاني .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنها آيات الفاتحة ; لأنها تثنى في كل ركعة .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنها آيات القرآن ، كما قال : { مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم } الرابع : أنها القرآن [ ص: 113 ]

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة { والقرآن العظيم } : فيها ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : هو القرآن كله .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : هو الحواميم .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنها الفاتحة .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : في تحقيق هذا المسطور : يحتمل أن يكون السبع من السور ، ويحتمل أن يكون من الآيات ; لكن النبي صلى الله عليه وسلم قد كشف قناع الإشكال ، وأوضح شعاع البيان ، ففي الصحيح عند كل فريق ومن كل طريق أنها أم الكتاب ، والقرآن العظيم حسبما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب : { هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيت } .

                                                                                                                                                                                                              وبعد هذا فالسبع المثاني كثير ، والكل محتمل ، والنص قاطع بالمراد ، قاطع بمن أراد التكليف والعناد ، وبعد تفسير النبي صلى الله عليه وسلم فلا تفسير . وليس للمتعرض إلى غيره إلا النكير .

                                                                                                                                                                                                              وقد كان يمكن لولا تفسير النبي صلى الله عليه وسلم أن أحرر في ذلك مقالا وجيزا ، وأسبك من سنام المعارف إبريزا ، إلا أن الجوهر الأغلى من عند النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأعلى ; وقد بينا تفسيرها في أول سورة من هذا الكتاب ، إذ هي الأولى منه ، فلينظر هناك من ههنا إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية