الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 141 ] باب الهمزة والنون وما بعدهما في الثلاثي

                                                          ( أنى ) الهمزة والنون وما بعدهما من المعتل ، له أصول أربعة : البطء وما أشبهه من الحلم وغيره ، وساعة من الزمان ، وإدراك الشيء ، وظرف من الظروف . فأ [ ما ا ] لأول فقال الخليل : الأناة الحلم ، والفعل منه تأنى وتأيا . وينشد قول الكميت :


                                                          قف بالديار وقوف زائر وتأن إنك غير صاغر

                                                          ويروى : " وتأي " ويقال للتمكث في الأمور التأني . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للذي تخطى رقاب الناس يوم الجمعة : رأيتك آذيت وآنيت يعني أخرت المجيء وأبطأت ، وقال الحطيئة :


                                                          وآنيت العشاء إلى سهيل     أو الشعرى فطال بي الأناء

                                                          ويقال من الأناة رجل أني ذو أناة . قال :


                                                          واحلم فذو الرأي الأني الأحلم

                                                          وقيل لابنة الخس : هل يلقح الثني . قالت : نعم وإلقاحه أني ، أي : بطي .

                                                          [ ص: 142 ] ويقال : فلان خيره أني ، أي : بطي . والأنا من الأناة والتؤدة . قال :


                                                          طال الأنا وزايل الحق الأشر

                                                          وقال :


                                                          أناة وحلما وانتظارا بهم غدا     فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر

                                                          وتقول للرجل : إنه لذو أناة ، أي : لا يعجل في الأمور ، وهو آن وقور . قال النابغة :


                                                          الرفق يمن والأناة سعادة     فاستأن في رفق تلاق نجاحا

                                                          واستأنيت فلانا ، أي : لم أعجله . ويقال للمرأة الحليمة المباركة أناة ، والجمع أنوات . قال أبو عبيد : الأناة : المرأة التي فيها فتور عند القيام .

                                                          وأما الزمان فالإنى والأنى ، ساعة من ساعات الليل ، والجمع آناء ، وكل إنى ساعة . وابن الأعرابي : يقال : أني في الجميع . قال :


                                                          يا ليت لي مثل شريبي من غني     وهو شريب الصدق ضحاك الأني


                                                          إذ الدلاء حملتهن الدلي

                                                          يقول : في أي ساعة جئته وجدته يضحك .

                                                          [ ص: 143 ] وأما إدراك الشيء فالإنى ، تقول : انتظرنا إنى اللحم ، أي إدراكه . وتقول : ما أنى لك ولم يأن لك ، أي : لم يحن . قال الله تعالى : ألم يأن للذين آمنوا ، أي : لم يحن . وآن يئين . واستأنيت الطعام ، أي انتظرت إدراكه . و حميم آن قد انتهى حره . والفعل أنى الماء المسخن يأني . و " عين آنية " قال عباس :


                                                          علانية والخيل يغشى متونها     حميم وآن من دم الجوف ناقع

                                                          قال ابن الأعرابي : يقال : آن يئين أينا وأنى لك يأني أنيا ، أي : حان . ويقال : أتيت فلانا آينة بعد آينة ، أي : أحيانا بعد أحيان ، ويقال : تارة بعد تارة . وقال الله تعالى : غير ناظرين إناه . وأما الظرف فالإناء ممدود ، من الآنية . والأواني جمع جمع ، يجمع فعال على أفعلة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية