الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود

                                                                                                                                                                                                                                      وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة إبعادا عن الرحمة وعن كل خير، أي: جعلت اللعنة لازمة لهم وعبر عن ذلك بالتبعية للمبالغة، فكأنها لا تفارقهم وإن ذهبوا كل مذهب، بل تدور معهم حيثما داروا، ولوقوعه في صحبة اتباعهم رؤساءهم يعني أنهم لما اتبعوهم أتبعوا ذلك جزاء لصنيعهم جزاء وفاقا ويوم القيامة أي: أتبعوا يوم القيامة أيضا لعنة، وهي عذاب النار المخلد، حذفت لدلالة الأولى عليها، وللإيذان بكون كل من اللغتين نوعا برأسه لم تجمعا في قرن واحد، بأن يقال: وأتبعوا في هذه الدنيا ويوم القيامة لعنة، كما في قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إيذانا باختلاف نوعي الحسنتين، فإن المراد بالحسنة الدنيوية نحو الصحة والكفاف والتوفيق للخير، وبالحسنة الأخروية الثواب والرحمة.

                                                                                                                                                                                                                                      ألا إن عادا كفروا ربهم أي: بربهم، أو نعمة ربهم حملا له على نقيضه الذي هو الشكر أو جحدوه ألا بعدا لعاد دعاء عليهم بالهلاك مع كونهم هالكين أي هلاك تسجيلا عليهم باستحقاق الهلاك، واستيجاب الدمار، وتكرير حرف التنبيه، وإعادة "عاد" للمبالغة في تفظيع حالهم، والحث على الاعتبار بقصتهم قوم هود عطف بيان لـ(عاد) فائدته التمييز عن (عاد) الثانية عاد إرم، والإيماء إلى أن استحقاقهم للبعد بسبب ما جرى بينهم وبين هود - عليه الصلاة والسلام - وهم قومه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية