الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 34 ] ( فالتاليات ذكرا ( 3 ) إن إلهكم لواحد ( 4 ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( 5 ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( 6 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( فالتاليات ذكرا ) هم الملائكة يتلون ذكر الله عز وجل . وقيل : هم جماعة قراء القرآن ، وهذا كله قسم أقسم الله تعالى به ، وموضع القسم قوله : ( إن إلهكم لواحد ) وقيل : فيه إضمار ، أي : ورب الصافات والزاجرات والتاليات ، وذلك أن كفار مكة قالوا : " أجعل الآلهة إلها واحدا " ؟ فأقسم الله بهؤلاء : " إن إلهكم لواحد " .

                                                                                                                                                                                                                                      ) ( رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ) أي : مطالع الشمس قيل : أراد به المشارق والمغارب ، كما قال في موضع آخر : " فلا أقسم برب المشارق والمغارب " ( المعارج - 40 )

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قيل : قد قال في موضع : " برب المشارق والمغارب " ، وقال في موضع : " رب المشرقين ورب المغربين " ( الرحمن - 17 ) وقال في موضع : " رب المشرق والمغرب " ( المزمل - 9 ) ، فكيف وجه التوفيق بين هذه الآيات ؟

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : أما قوله : " رب المشرق والمغرب " ، أراد به الجهة ، فالمشرق جهة والمغرب جهة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : " رب المشرقين ورب المغربين " أراد : مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، وأراد بالمغربين : مغرب الشتاء ومغرب الصيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : " برب المشارق والمغارب " أراد الله - تعالى - أنه خلق للشمس ثلاثمائة وستين كوة في المشرق ، وثلاثمائة وستين كوة في المغرب ، على عدد أيام السنة ، تطلع الشمس كل يوم من كوة منها ، وتغرب في كوة منها ، لا ترجع إلى الكوة التي تطلع منها إلى ذلك اليوم من العام المقبل ، فهي المشارق والمغارب ، وقيل : كل موضع شرقت عليه الشمس فهو مشرق وكل موضع غربت عليه الشمس فهو مغرب ، كأنه أراد رب جميع ما أشرقت عليه الشمس وغربت . ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب )

                                                                                                                                                                                                                                      قرأ عاصم برواية أبي بكر : " بزينة " منونة " الكواكب " نصب ، أي : بتزييننا الكواكب ، وقرأ حمزة ، وحفص : " بزينة " منونة " الكواكب " خفضا على البدل ، أي : بزينة بالكواكب ، أي : زيناها بالكواكب . وقرأ الآخرون : " بزينة الكواكب " بلا تنوين على الإضافة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : بضوء الكواكب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية