الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل انظروا خطاب لسيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأمر الكفرة الذين هو عليه الصلاة والسلام بين ظهرانيهم بالتفكر في ملكوت السماوات والأرض وما فيهما من عجائب الآيات الآفاقية والأنفسية ليتضح له صلى الله تعالى عليه وسلم أنهم من الذين لا يعقلون وكأنه متعلق بما عنده وتعليقه بقوله سبحانه: أفأنت تكره الناس إلخ على معنى لا تكره الناس على الإيمان ولكن اؤمرهم بما يتوصل به إليه عادة من النظر لا يخلو عن النظر وقيل: إنه تعالى لما أفاد فيما تقدم أن الإيمان بخلقه سبحانه وأنه لا يؤمن من يؤمن إلا من بعد إذنه وأن الذين حقت عليهم الكلمة لا يؤمنون أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يأمر بالنظر لئلا يزهد فيه بعد تلك الإفادة وأرى الأول أولى وجاء ضم لام قل وكسرها وهما قراءتان سبعيتان وقوله سبحانه: ماذا في السماوات والأرض في محل نصب بإسقاط الخافض لأن الفعل قبله معلق بالاستفهام لأن (ما) استفهامية وهي مبتدأ و (ذا) بمعنى الذي والظرف صلته وهو خبر المبتدأ ويجوز أن يكون (ماذا) كله اسم استفهام مبتدأ والظرف خبره أي أي شيء بديع في السماوات والأرض من عجائب صنعته تعالى الدالة على وحدته وكمال قدرته جل شأنه

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن يكون ماذا كله موصولا بمعنى الذي وهو في محل نصب بالفعل قبله وضعفه السمين بأنه لا يخلو حينئذ من أن يكون النظر قلبيا كما هو الظاهر فيعدى بفي وأن يكون بصريا فيعدى بإلى

                                                                                                                                                                                                                                      وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون 101 أي ما تكفيهم وما تنفعهم وقرئ بالتذكير والمراد بالآيات ما أشير إليه بقوله سبحانه: ماذا في السماوات والأرض ففيه إقامة الظاهر مقام المضمر (والنذر) جمع نذير بمعنى منذر أي الرسل المنذرون أو بمعنى إنذار أي الإنذارات وجمع لإرادة الأنواع وجوز أن يكون (النذر) نفسه مصدرا بمعنى الإنذار والمراد بهؤلاء القوم المطبوع على قلوبهم أي لا يؤمنون في علم الله تعالى وحكمه و (ما) نافية والجملة اعتراضية وجوز أن تكون في موضع الحال من ضمير (قل) وفي القلب من جعلها حالا من ضمير (انظروا) شيء فانظروا ويتعين كونها اعتراضية إذا جعلت (ما) استفهامية إنكارية وهي حينئذ في موضع النصب على المصدرية للفعل بعدها أو على أنه مفعول به له والمفعول على هذا وكذا على احتمال النفي محذوف إن لم ينزل منزلة اللازم أي ما تغني شيئا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية