الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2189 باب في التقصير في العمرة

                                                                                                                              وقال النووي: (باب جواز تقصير المعتمر من شعره ، وأنه: لا يجب حلقه ، وأنه: يستحب كون حلقه أو تقصيره عند المروة) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 231 - 232 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن عباس : أن معاوية بن أبي سفيان : أخبره: قال: قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص ، وهو على المروة ، أو رأيته : يقصر عنه بمشقص ، وهو على المروة ، ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عباس ، أن معاوية بن أبي سفيان) رضي الله عنهم: (أخبره: قال: قصرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص) بكسر الميم ، وإسكان الشين ، وفتح القاف.

                                                                                                                              [ ص: 619 ] قال أبو عبيد وغيره: هو نصل السهم إذا كان طويلا، ليس بعريض.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة الدينوري: هو كل نصل فيه عنزة، وهو الناتئ وسط الحربة.

                                                                                                                              وقال الخليل: هو سهم ، فيه نصل عريض ، يرمى به الوحش. (وهو على المروة ، أو رأيته يقصر عنه بمشقص ، وهو على المروة) .

                                                                                                                              فيه: جواز الاقتصار على التقصير ، وإن كان الحلق أفضل. وسواء في ذلك الحاج والمعتمر ، إلا أنه يستحب للمتمتع: أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج ، ليقع الحلق في أكمل العبادتين.

                                                                                                                              وفيه: أنه يستحب: أن يكون تقصير المعتمر ، أو حلقه ، عند المروة ، لأنها موضع تحلله.

                                                                                                                              كما يستحب للحاج: أن يكون حلقه ، أو تقصيره ، في منى ، لأنها موضع تحلله.

                                                                                                                              وحيث حلقا أو قصرا من الحرم كله ، جاز.

                                                                                                                              قال النووي: هذا الحديث ، محمول على أنه قصر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في عمرة الجعرانة. لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، كان قارنا ، كما سبق إيضاحه. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم : حلق بمنى ، وفرق أبو طلحة (رضي الله [ ص: 620 ] عنه) شعره بين الناس ، فلا يجوز حمل تقصير معاوية ، على حجة الوداع.

                                                                                                                              ولا يصح حمله أيضا ، على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة ، لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما ، إنما أسلم يوم الفتح ، سنة ثمان.

                                                                                                                              هذا هو الصحيح المشهور. ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع ، وزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا ، لأن هذا غلط فاحش ، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السابقة (في مسلم وغيره) : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل له: ما شأن الناس: حلوا ولم تحل أنت ؟ فقال: " إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر الهدي ".

                                                                                                                              وفي رواية: "حتى أحل من الحج ". والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية