الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 62 ] آ. (43) قوله تعالى: ومن عنده : العامة [على فتح ميم] "من"، وهي موصولة، وفي محلها أوجه، أحدها: أنها مجرورة المحل نسقا على لفظ الجلالة، أي: بالله وبمن عنده علم الكتاب كعبد الله بن سلام ونحوه. والثاني: أنها في محل رفع عطفا على محل [الجلالة، إذ هي] فاعلة، والباء زائدة فيها. الثالث: أن يكون مبتدأ، وخبره محذوف، أي: ومن عنده علم الكتاب أعدل وأمضى قولا.

                                                                                                                                                                                                                                      و عنده علم الكتاب يجوز أن يكون الظرف صلة، و "علم" فاعل به. واختاره الزمخشري ، وتقدم تقريره، وأن يكون مبتدأ وما قبله الخبر، والجملة صلة لـ "من".

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بمن عنده علم الكتاب: إما ابن سلام أو جبريل أو الله تعالى. قال ابن عطية: "ويعترض هذا القول بأن فيه عطف الصفة على الموصوف ولا يجوز، وإنما تعطف الصفات". واعترض الشيخ عليه بأن "من" لا يوصف بها [ ص: 63 ] ولا بغيرها من الموصولات إلا ما استثني، وبأن عطف الصفات بعضها على بعض لا يجوز إلا بشرط الاختلاف.

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: ابن عطية إنما عنى الوصف المعنوي لا الصناعي، وأما شرط الاختلاف فمعلوم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ علي وأبي وابن عباس وعكرمة وابن جبير وعبد الرحمن بن أبي بكرة والضحاك وابن أبي إسحاق ومجاهد في خلق كثير: "ومن عنده علم الكتاب" جعلوا "من" حرف جر، و "عنده" مجرور بها، وهذا الجار هو خبر مقدم، و "علم" مبتدأ مؤخر. وقرأ علي أيضا والحسن وابن السميفع: ومن عنده علم الكتاب يجعلون "من" جارة، و "علم" مبنيا للمفعول، و "الكتاب" رفع به. وقرئ كذلك إلا أنه بتشديد "علم". والضمير في "عنده" على هذه القراءات لله تعالى فقط. وقرئ أيضا "وبمن" بإعادة الباء الداخلة على الجلالة.

                                                                                                                                                                                                                                      [تمت بحمد الله] *** [ ص: 64 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية