الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل :

158 - ذكر الطبراني في دلائل النبوة ، حدثنا أبو مسلم الكشي ، حدثنا عمرو بن حكام ، ثنا المثنى بن سعيد القصير ، ثنا أبو جمرة أن ابن عباس - رضي الله عنه - أخبرهم عن بدء إسلام أبي ذر - رضي الله عنه - لما بلغه أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي بعث أخاه ، فقال : ائت مكة حتى تسمع منه ، وتأتني بخبره ، فانطلق أخوه إلى مكة ، فسمع من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانصرف إلى أبي ذر ، فأخبره أنه يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويأمر بمكارم الأخلاق ، فقال : ما شفيتني ، ثم أخذ شنة فيها ماء ، وزاده ، ثم انطلق حتى أتى مكة ، ففرق أن يسأل أحدا عن شيء ، ولم يلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أجنه الليل ، فلما اعتم مر به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فقال : من الرجل ؟ قال : رجل من غفار ، قال : فانطلق إلى منزلك ، فانطلق به إلى منزله لا يسأل واحدا منهما صاحبه عن شيء ، فلما أصبح غدا ، فلم يلقه ، فنام في ناحية المسجد ، فمر به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فقال : أما آن للرجل أن يعرف منزله ، فانطلق معه لا يسأل أحد منهما صاحبه عن شيء ، فلما كان اليوم الثالث أخذ على علي - رضي الله عنه - لئن أخبره بالذي يريد ليكتمن عليه ، وليسترن عليه ، ففعل ، فقال : إنه بلغني أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي ، فبعثت بأخي ، فلم يأتني بما يشفيني ، فجئت بنفسي لأخبر خبره ، فقال له علي - رضي الله عنه - : إني غاد فاتبع أثري ، فإني إن رأيت ما أخاف عليك منه قمت كأني أبول ورجعت إليك ، وإن لم أر شيئا فاتبع أثري ، فغدا علي - رضي الله عنه - ، وغدا أبو ذر - رضي الله عنه - على أثره حتى دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأخبره خبره ، وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأسلم ، فقال : يا رسول الله ، مرني بأمرك ، فقال : ارجع إلى قومك حتى إذا بلغك خبري ، فأتني ، فقال : لا ، والله حتى أصرخ بالإسلام ، فخرج إلى المسجد ، فنادى بالصلاة ، ونادى أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقال المشركون : صبأ الرجل ، صبأ الرجل ، ثم ضربوه حتى سقط ، فمر [ ص: 146 ] به العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - ، فانكب عليه ، ثم قال : يا معشر قريش ، أنتم تجار ، وطريقكم على غفار تريدون أن يقطع الطريق عليكم ، فأمسكوا عنه ، فلما كان اليوم الثاني عاد لمثل مقامه ، فعادوا لضربه ، فمر عليه العباس - رضي الله عنه - ، فقال لهم مثل ذلك ، فهذا كان بدء إسلام أبي ذر - رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية