الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائتين

فمن الحوادث فيها:

أن المعتز جلس في دار العامة للمظالم ، فعزل وولى وأمضى الأمور ، وولى موسى بن بغا ديوان الجيش .

وولى سليمان بن عبد الله بن طاهر شرطة بغداد والسواد ، وذلك لست خلون من ربيع الآخر .

وفيها: أخذ صالح بن وصيف أحمد بن إسرائيل ، والحسن بن مخلد ، وأبا نوح ، وعيسى بن إبراهيم ، فقيدهم وطالبهم بأموال ، وقبضت أملاكهم وضياعهم ودورهم .

ولليلتين خلتا من رجب: ظهر عيسى بن جعفر ، وعلي بن زيد الحسنيان بالمدينة ، فقتلا بها عبد الله بن محمد بن داود بن علي .

ولثلاث بقين من رجب خلع المعتز ، وكان السبب [أن الكتاب] الذي ذكرنا أن صالح بن وصيف أخذهم لم يقروا بشيء ، فصار الأتراك إلى المعتز ، وقالوا له: [ ص: 80 ] أعطنا أرزاقنا لنقتل لك صالح بن وصيف ، فأرسل المعتز إلى أمه يسألها أن تعطيه مالا ، فقالت: ما عندي شيء . ثم وجدوا بعد ذلك في خزانتها ما يزيد على ألف ألف دينار ، فلما لم يعطهم ، ولا وجدوا في بيت المال شيئا اجتمعوا على خلع المعتز ، فصاروا إليه [لثلاث بقين من رجب] ثم بعثوا إليه: اخرج إلينا ، فبعث إليهم: إني قد أخذت الدواء وقد أضعفني ، ولا أقدر على الكلام ، فإن كان أمر لا بد منه ، فليدخل إلي بعضكم ، فليعلمني ، فدخل إليه منهم جماعة ، فجروا برجله وقميصه مخرق ، وآثار الدم على منكبيه ، فأقاموه في الشمس في شدة الحر ، فجعل يرفع قدما ويحط قدما من شدة الحر ، ثم جعل بعضهم يلطمه ويقول: اخلعها .

ثم أدخلوه حجرة وبعثوا إلى ابن أبي الشوارب فأحضروه مع جماعة من أصحابه ، فقال صالح وأصحابه: اكتبوا عليه كتاب خلع . فكتب ، وشهدوا عليه ، وخرجوا .

ثم دفع بعد الخلع إلى من يعذبه ، فمنعه الطعام والشراب ثلاثة أيام ، ثم جصصوا سردابا بالجص الثخين ، وأدخلوه فيه وأطبقوا عليه بابه ، فأصبح ميتا ، وولوا بعده المهتدي بالله .

[ ص: 81 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية