سُورَةُ
هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكِّيَّةٌ
11 – كَمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ
ابْنُ النَّحَّاسِ فِي تَارِيخِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11868وَأَبُو الشَّيْخِ nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16414عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَلَمْ يَسْتَثْنِيَا مِنْهَا شَيْئًا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْهَا ثَلَاثَ آيَاتٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=12فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَرُوِيَ اسْتِثْنَاءُ الثَّالِثَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ قَالَ
الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ : وَدَلِيلُهُ مَا صَحَّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ فِي حَقِّ
أَبِي الْيُسْرِ وَهِيَ كَمَا قَالَ
الدَّانِي فِي كِتَابِ الْعَدَدِ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ آيَةً فِي الْمَدَنِيِّ الْأَخِيرِ وَاثْنَتَانِ فِي الْمَدَنِيِّ الْأَوَّلِ وَثَلَاثٌ فِي الْكُوفِيِّ وَوَجْهُ اتِّصَالِهَا بِسُورَةِ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي سُورَةِ
يُونُسَ قِصَّةُ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُخْتَصَرَةً جِدًّا مُجْمَلَةً فَشُرِحَتْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَبُسِّطَتْ فِيهَا مَا لَمْ تُبَسَّطْ فِي غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ وَلَا سُورَةِ الْأَعْرَافِ عَلَى طُولِهَا وَلَا سُورَةِ (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا) الَّتِي أُفْرِدَتْ لِقِصَّتِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ شَرْحًا لِمَا أُجْمِلَ فِي تِلْكَ السُّورَةِ وَبَسْطًا لَهُ ثُمَّ إِنَّ مَطْلَعَهَا شَدِيدُ الِارْتِبَاطِ بِمَطْلَعِ تِلْكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ نَظِيرُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ هُنَاكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ بَلْ بَيْنَ مَطْلَعِ هَذِهِ وَخِتَامِ تِلْكَ شِدَّةُ ارْتِبَاطٍ أَيْضًا حَيْثُ خُتِمَتْ بِنَفْيِ الشِّرْكِ وَاتِّبَاعِ الْوَحْيِ وَافْتُتِحَتْ هَذِهِ بِبَيَانِ الْوَحْيِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الشِّرْكِ وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا مَا وَرَدَ فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14274الدَّارِمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اقْرَأُوا هُودًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665589قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْتَ قَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ . وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ
يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ قَالَ: أَجَلْ شَيَّبَتْنِي سُورَةُ هُودٍ وَأَخَوَاتُهَا الْوَاقِعَةُ وَالْقَارِعَةُ وَالْحَاقَّةُ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَسَأَلَ سَائِلٌ
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَيْضًا
أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ مِنَ الْأَخَوَاتِ الْوَاقِعَةَ وَعَمَّ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى
nindex.php?page=hadith&LINKID=103373عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ شِبْتَ فَقَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ إِلَى
[ ص: 203 ] آخِرِ مَا فِي خَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمْرَ وَفِي بَعْضِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى (شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا) وَفِي بَعْضٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ (وَمَا فُعِلَ بِالْأُمَمِ مِنْ قَبْلِي) وَقَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَرْفُوعًا
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَغَيْرُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٌ nindex.php?page=hadith&LINKID=939419أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: أَسْرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ فَقَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ وَالْوَاقِعَةُ . وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى خَطَرِهَا وَعِظَمِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ وَأَشَارَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي صَارَ سَبَبًا لِإِسْرَاعِ الشَّيْبِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِذِكْرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَصَصِ الْأُمَمِ وَيَشْهَدُ لَهُ بَعْضُ الْآثَارِ وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ الشَّتْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رُوِيَ عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ: شَيَّبَتْنِي
هُودٌ قَالَ: نَعَمْ فَقُلْتُ: مَا الَّذِي شَيَّبَكَ مِنْهَا قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَهَلَاكُ الْأُمَمِ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ بَعْضُ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ وَبَيَّنَهُ بِمَا بَيَّنَهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الَّذِي شَيَّبَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ السُّورَةُ أَعَمُّ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا عَظُمَ أَمْرُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ الْجَلِيلِ وَمَقَامِهِ الرَّفِيعِ وَهَذَا هُوَ الْمُنْقَدِحُ لِذِهْنِ السَّامِعِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابُهُ عَمَا شَيَّبَهُ مِنْهَا وَمِنْ أَخَوَاتِهَا بَلِ اكْتَفَوْا بِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ الْكَلَامِ
وَدَعْوَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ لَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَا خَفِيَ عَلَى
أَبِي عَلِيٍّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلُوا عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا يَبْقَى أَنَّهُمْ لِمَ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَا شَيَّبَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الْأَخَوَاتِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَلَاكُ الْأُمَمِ دُونَ ذَلِكَ الْأَمْرِ؟ وَكَوْنُهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الْمُشَيِّبَ فِيهَا ذَلِكَ وَفِي أَخَوَاتِهَا شَيْءٌ آخَرُ هُوَ ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَلَاكُ الْأُمَمِ يَأْبَاهُ مَا فِي خَبَرِ
أَبِي عَلِيٍّ مِنْ نَفْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ مُشَيِّبًا مَفْهُومًا مَا مِنْ سُورَةٍ دُونَ أُخْرَى لَا يَخْفَى حَالُهُ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ سَلِمَ أَنَّهَا صَحَّتْ عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ وَاتِّهَامُ الرَّائِي بِعَدَمِ الْحِفْظِ أَوْ بِعَدَمِ تَحْقِيقِ الْمَرْئِيِّ أَهْوَنُ مِنَ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الرُّؤْيَةِ وَالتَّكَلُّفِ لِتَوْجِيهِ مَا فِيهَا وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ السُّورَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَلْيُفْهَمْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28911_32450_34224_34225_34237_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر ) اسْمٌ لِلسُّورَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14248الْخَلِيلُ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُمَا أَوْ لِلْقُرْآنِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ وَقِيلَ: إِنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَقِيلَ: هِيَ إِقْسَامٌ مِنْهُ تَعَالَى بِمَا هُوَ مِنْ أُصُولِ اللُّغَاتِ وَمَبَادِئِ كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ وَمَبَانِي أَسْمَائِهِ الْكَرِيمَةِ وَقِيلَ وَقِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيمَا يَنْفَعُكَ هُنَا عَلَى أَتَمِّ تَفْصِيلٍ وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَوْنَهَا اسْمًا لِلسُّورَةِ وَأَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذِهِ السُّورَةِ مُسَمَاةٌ - بِالر - وَقِيلَ: مَحَلُّهَا الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَوِ النَّصْبِ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ نَحْوَ اذْكُرْ أَوِ اقْرَأْ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ خَبَرٌ لَهَا عَلَى تَقْدِيرِ ابْتِدَائِيَّتِهَا أَوْ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْوُجُوهِ وَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ كِتَابٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ جَلِيلُ الْقَدْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ أَيْ نُظِمَتْ نَظْمًا مُحْكَمًا لَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ اخْتِلَالٌ فَيَكُونُ فِيهِ تَنَاقُضٌ أَوْ مُخَالَفَةٌ لِلْوَاقِعِ وَالْحِكْمَةِ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُخِلُّ بِفَصَاحَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ فَالْإِحْكَامُ مُسْتَعَارٌ مِنْ إِحْكَامِ الْبِنَاءِ بِمَعْنَى إِتْقَانِهِ أَوْ مُنِعَتْ مِنَ النَّسْخِ لِبَعْضِهَا أَوْ لِكُلِّهَا بِكِتَابٍ آخَرَ كَمَا وَقَعَ لِلْكُتُبِ السَّالِفَةِ فَالْإِحْكَامُ مِنْ أَحْكَمَهُ إِذَا مَنَعَهُ وَيُقَالُ: أَحْكَمْتُ السَّفِيهَ إِذَا مَنَعْتَهُ مِنَ السَّفَاهَةِ وَمِنْهُ قَوْلُ
جَرِيرٍ أَبْنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ إِنْ أَغْضَبَا
[ ص: 204 ] وَقِيلَ: الْمُرَادُ مُنِعَتْ مِنَ الْفَسَادِ أَخْذًا مِنْ أَحْكَمْتُ الدَّابَّةَ إِذَا جَعَلْتَ فِي فَمِهَا الْحِكْمَةَ وَهِيَ حَدِيدَةٌ تُجْعَلُ فِي فَمِ الدَّابَّةِ تَمْنَعُهَا مِنَ الْجِمَاحِ فَكَأَنَّ مَا فِيهَا بَيَانُ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ بِمَنْزِلَةِ دَابَّةٍ مَنَعَهَا الدَّلَائِلُ مِنَ الْجِمَاحِ فَفِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ أَوْ مَكْنِيَّةٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ تَشْبِيهَهَا بِالدَّابَّةِ مُسْتَهْجَنٌ لَا دَاعِيَ إِلَيْهِ وَلَعَلَّ الذَّوْقَ يُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ تَشْبِيهِهَا بِالْجَمَلِ الْأَنُوفِ الْوَارِدِ فِي بَعْضِ الْآثَارِ لِانْقِيَادِهَا مَعَ الْمُتَأَوِّلِينَ لِكَثْرَةِ وُجُوهِ احْتِمَالَاتِهَا الْمُوَافِقَةِ لِأَغْرَاضِهِمْ .
وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى إِرَادَةِ الْمَنْعِ فِي الْفَسَادِ بِأَنَّ فِيهِ إِيهَامَ مَا لَا يَكَادُ يَلِيقُ بِشَأْنِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ مِنَ التَّدَاعِي إِلَى الْفَسَادِ لَوْلَا الْمَانِعُ فَالْأَوَّلُ إِذْ يُرَادُ مَعْنَى الْمَنْعِ أَنْ يُرَادَ الْمَنْعُ مِنَ النُّسَخِ وَيُرَادَ مِنَ الْكِتَابِ الْقُرْآنُ وَعَدَمُ نَسْخِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا عَلَى حَسَبِ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ وَكَوْنُ ذَلِكَ خِلَافَ الظَّاهِرِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ .
وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَاتِ آيَاتُ هَذِهِ السُّورَةِ وَكُلُّهَا مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ بِشَيْءٍ أَصْلًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنِ زَيْدٍ وَخُولِفَ فِيهِ وَادَّعَى أَنَّ فِيهَا مِنَ الْمَنْسُوخِ أَرْبَعَ آيَاتٍ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=12إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=121وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَالَّتِي تَلِيهَا وَنُسِخَتْ جَمِيعًا بِآيَةِ السَّيْفِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا الْآيَةَ وَنُسِخَتْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مُنِعَتْ مِنَ الشُّبَهِ بِالْحُجَجِ الْبَاهِرَةِ وَأُيِّدَتْ بِالْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ أَوْ جُعِلَتْ حَكِيمَةً أَيْ ذَاتَ حِكْمَةٍ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أُصُولِ الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالنَّصَائِحِ وَالْحِكَمِ وَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا مَنْقُولٌ مِنْ حَكُمَ بِالضَّمِّ إِذَا صَارَ حَكِيمًا وَمِنْهُ قَوْلُ
نَمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ: وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ بُغْضًا رُوَيْدًا إِذَا أَنْتَ حَاوَلْتَ أَنْ تَحْكُمَا
فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيَّ: إِنَّ الْمَعْنَى إِذَا حَاوَلْتَ أَنْ تَكُونَ حَكِيمًا وَفِي إِسْنَادِ الْإِحْكَامِ عَلَى الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ إِلَى الْآيَاتِ دُونَ الْكِتَابِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إِذَا أُرِيدَ مَا يَشْمَلُ كُلَّ آيَةٍ آيَةٍ مِنْ حُسْنِ الْمَوْقِعِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِهِ فِي أَقْصَى غَايَاتِهِ مَا لَا يَخْفَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1ثُمَّ فُصِّلَتْ أَيْ جُعِلَتْ مُفَصَّلَةً كَالْعِقْدِ الْمُفَصَّلِ بِالْفَرَائِدِ الَّتِي تُجْعَلُ بَيْنَ اللَّآلِئِ وَوَجْهُ جَعْلِهَا كَذَلِكَ اشْتِمَالُهَا عَلَى دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْقَصَصِ أَوْ فُصِّلَ فِيهَا مُهِمَّاتُ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ أَوْ جُعِلَتْ فَصْلًا فَصْلًا مِنَ السُّوَرِ وَيُرَادُ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنُ وَقِيلَ: يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ هَذِهِ السُّورَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى جُعِلَتْ مَعَانِي آيَاتِهَا فِي سُوَرٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ أَوْ فُرِّقَتْ فِي التَّنْزِيلِ فَلَمْ تَنْزِلْ جُمْلَةً بَلْ نُزِّلَتْ نَجْمًا نَجْمًا عَلَى حَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ وَالْمَصْلَحَةُ وَ (ثُمَّ) عَلَى هَذَا ظَاهِرَةٌ فِي التَّرَاخِي الزَّمَانِيِّ لِمَا أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنَ التَّنْزِيلِ الْمُنَجَّمِ فِيهِ التَّنْزِيلُ الْمُنَجَّمُ بِالْفِعْلِ وَإِنْ أُرِيدَ جَعْلُهَا فِي نَفْسِهَا بِحَيْثُ يَكُونُ نُزُولُهَا مُنَجَّمًا حَسَبَ الْحِكْمَةِ فَهُوَ رُتْبِيٌّ لِأَنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ لَازِمٌ لَهَا حَقِيقٌ بِأَنْ يُرَتَّبَ عَلَى وَصْفِ أَحْكَامِهَا وَهِيَ عَلَى الْأَوْجَهِ الْأَوَّلُ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ لَا غَيْرُ وَقِيلَ: لِلتَّرَاخِي بَيْنَ الْإِخْبَارَيْنِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا تَرَاخِيَ هُنَاكَ إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّرَاخِي التَّرْتِيبُ مَجَازًا أَوْ يُقَالَ بِوُجُودِهِ بِاعْتِبَارِ ابْتِدَاءِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَانْتِهَاءِ الثَّانِي
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ أَوْلَى خَلَا أَنَّ تَرَاخِيَ رُتْبَةِ التَّفْصِيلِ بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَنْ رُتْبَةِ الْإِحْكَامِ أَمْرُ ظَاهِرُ وَبِالْمَعْنَى الثَّالِثِ فِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ فِي الْآيَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ ضَرْبِ مَعَانِي الْإِحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَعَانِي التَّفْصِيلِ كَذَلِكَ وَضَرْبُ الْمَجْمُوعِ فِي احْتِمَالَاتِ الْمُرَادِ بِثُمَّ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَوْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ احْتِمَالًا وَلَا حَجْرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ ذَكَرَ لِلْإِحْكَامِ عَلَى مَا فِي الْكَشْفِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ
[ ص: 205 ] أَخْذُهُ مِنْ إِحْكَامِ الْبِنَاءِ نَظَرًا إِلَى التَّرَكُّبِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِعْجَازِ أَوْ مِنَ الْإِحْكَامِ جَعْلُهَا حَكِيمَةً أَوْ جَعْلُهَا ذَاتَ حِكْمَةٍ فَيُفِيدُ مَعْنَى الْمَنْعِ مِنَ الْفَسَادِ وَلِلتَّفْصِيلِ أَرْبَعَةٌ جَعْلُهَا كَالْقَلَائِدِ الْمُفَصَّلَةِ بِالْفَرَائِدِ لِمَا فِيهَا مِنْ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ وَأَخَوَاتِهَا وَجَعْلُهَا فُصُولًا سُورَةً سُورَةً وَآيَةً آيَةً وَتَفْرِيقُهَا فِي التَّنْزِيلِ وَتَفْصِيلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعِبَادُ وَبَيَانُهُ فِيهَا رُوِيَ هَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ وَقَالَ: إِنَّ مَعْنَى (ثُمَّ) لَيْسَ التَّرَاخِيَ فِي الْوَقْتِ وَلَكِنْ فِي الْحَالِ كَمَا تَقُولُ هِيَ مُحْكَمَةٌ أَحْسَنَ الْإِحْكَامِ ثُمَّ مُفَصَّلَةٌ أَحْسَنَ التَّفْصِيلِ وَفُلَانٌ كَرِيمُ الْأَصْلِ ثُمَّ كَرِيمُ الْفِعْلِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي جَمِيعِ الِاحْتِمَالَاتِ كَذَلِكَ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِالْإِحْكَامِ أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ وَبِالتَّفْصِيلِ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَالتَّرَاخِي رُتْبِيٌّ لِأَنَّ الْإِحْكَامَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ رَاجِعٌ إِلَى اللَّفْظِ وَالتَّفْصِيلِ إِلَى الْمَعْنَى وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا لَكِنَّ التَّفْصِيلَ إِكْمَالٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِجْمَالِ وَإِنْ أُرِيدَ أَحَدُ الْأَوْسَطَيْنِ فَالتَّرَاخِي عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْإِحْكَامَ بِالنَّظَرِ إِلَى كُلِّ آيَةٍ فِي نَفْسِهَا وَجَعْلِهَا فُصُولًا بِالنَّظَرِ إِلَى بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ أَوْ لِأَنَّ كُلَّ آيَةٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُرَصَّفَةِ وَهَذَا تَرَاخٍ وُجُودِيٌّ وَلِمَا كَانَ الْكَلَامُ مِنَ السَّائِلَاتِ كَانَ زَمَانِيًّا أَيْضًا وَلَكِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيَّ آثَرَ التَّرَاخِيَ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى التَّرَاخِي فِي الْإِخْبَارِ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لِيُطَابِقَ اللَّفْظُ الْوَضْعَ وَلِيَظْهَرَ وَجْهُ الْعُدُولِ مِنَ الْفَاءِ إِلَى ثُمَّ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّالِثُ وَبِالتَّفْصِيلِ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَرُتْبِيٌّ وَإِلَّا فَإِخْبَارِيٌّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْإِحْكَامِ الْأَوَّلُ وَبِالتَّفْصِيلِ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَ (حَكِيمٌ) وَ (خَبِيرٌ) وَ (أُحْكِمَتْ) وَ (فُصِّلَتْ) ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهُ ظَهَرَ أَنَّ التَّرَاخِيَ فِي الْحَالِ يَشْمَلُ التَّرَاخِيَ الرُّتْبِيَّ وَالْإِخْبَارِيَّ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ وَقُرِئَ (أَحْكَمْتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ الْمُتَكَلِّمِ وَ (فَصَلْتُ) بِفَتْحَتَيْنِ مَعَ التَّخْفِيفِ وَرُوِيَ هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ وَالْمَعْنَى ثُمَّ فَرَّقْتُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَقِيلَ: (فُصِّلَتْ) هُنَا مِثْلُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=94وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ أَيِ انْفَصَلَتْ وَصَدَرَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ 1 صِفَةٌ لِكِتَابٍ وَصَفَ بِهَا بَعْدَ مَا وَصَفَ بِإِحْكَامِ آيَاتِهِ وَتَفْصِيلِهَا الدَّالَّيْنِ عَلَى عُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ إِبَانَةً لِجَلَالَةِ شَأْنِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِضَافَةُ أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ لِلْمُبْتَدَأِ الْمَلْفُوظِ أَوِ الْمُقَدَّرِ أَوْ هُوَ مَعْمُولٌ لِأَحَدِ الْفِعْلَيْنِ عَلَى التَّنَازُعِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِهِمَا مَعْنًى أَيْ مِنْ عِنْدِهِ إِحْكَامُهَا وَتَفْصِيلُهَا وَاخْتَارَ هَذَا فِي الْكَشْفِ . وَفِي الْكَشَّافِ أَنَّ فِيهِ طِبَاقًا حَسَنًا لِأَنَّ الْمَعْنَى أَحْكَمَهَا حَكِيمٌ وَفَصَّلَهَا أَيْ بَيَّنَهَا وَشَرَحَهَا خَبِيرٌ عَالِمٌ بِكَيْفِيَّاتِ الْأُمُورِ فَفِي الْآيَةِ اللَّفُّ وَالنَّشْرُ وَأَصْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَا قَالَ
الطِّيبِيُّ : أَحْكَمَ آيَاتِهِ الْحَكِيمُ وَفَصَّلَهَا الْخَبِيرُ ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى أُحْكِمَتْ حَكِيمٌ وَفُصِّلَتْ خَبِيرٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=36يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رِجَالٌ عَلَى قِرَاءَةِ الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ:
لِيَبْكِ يَزِيدُ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ
ثُمَّ إِلَى مَا فِي النَّظْمِ الْجَلِيلِ لِمَا فِي الْكِنَايَةِ مِنَ الْحُسْنِ مَعَ إِفَادَةِ التَّعْظِيمِ الْبَالِغِ الَّذِي لَا يَصِلُ إِلَى كُنْهِهِ وَصْفُ الْوَاصِفِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ جِيءَ بِالِاسْمَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ مُنَكَّرَيْنِ بِالتَّنْكِيرِ التَّفْخِيمِيِّ وَ (لَدُنْ) مِنَ الظُّرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ وَهِيَ لِأَوَّلِ غَايَةِ زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَخِيرُ مَجَازًا وَبُنِيَتْ لِشَبَهِهَا بِالْحَرْفِ فِي لُزُومِهَا اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا وَهِيَ كَوْنُهَا مَبْدَأَ غَايَةٍ وَامْتِنَاعِ الْإِخْبَارِ بِهَا وَعَنْهَا وَلَا يُبْنَى عَلَيْهَا الْمُبْتَدَأُ بِخِلَافِ عِنْدَ - وَلَدَى - فَإِنَّهُمَا لَا يَلْزَمَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا بَلْ يَكُونَانِ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا وَيُبْنَى عَلَيْهِمَا الْمُبْتَدَأُ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) قِيلَ: وَلِقُوَّةِ شَبَهِهَا بِالْحَرْفِ وَخُرُوجِهَا عَنْ نَظَائِرِهَا لَا تُعْرَبُ إِذَا أُضِيفَتْ . نَعَمْ جَاءَ عَنْ قَيْسٍ إِعْرَابُهَا تَشْبِيهًا
[ ص: 206 ] بِعِنْدَ وَعَلَى ذَلِكَ خَرَجَتْ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ (بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهِ) بِالْجَرِّ وَإِشْمَامِ الدَّالِ السَّاكِنَةِ الضَّمَّ وَاقْتِرَانِهَا بِمِنْ كَمَا فِي الْآيَةِ وَكَذَا إِضَافَتُهَا إِلَى مُفْرَدٍ كَيْفَمَا كَانَ هُوَ الْغَالِبَ وَقَدْ تَتَجَرَّدُ عَنْ – مِنْ - وَقَدْ تُضَافُ إِلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ كَقَوْلِهِ
وَتَذَكَّرْ نَعْمَاهُ لَدُنْ أَنْتَ يَافِعٌ
وَفِعْلِيَّةٌ كَقَوْلِهِ:
صَرِيعُ غَوَانٍ رَاقَهُنَّ وَرُقْنَهُ لَدُنْ شَبَّ حَتَّى شَابَ سُودُ الذَّوَائِبِ
وَمَنَعَ
ابْنُ الدَّهَّانِ مِنْ إِضَافَتِهَا إِلَى الْجُمْلَةِ وَأَوَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ بِدَلِيلِ ظُهُورِهَا مَعَهَا فِي قَوْلِهِ:
وَلَيْتَ فَلَمْ تَقْطَعْ لَدُنْ إِنْ وَلَيْتَنَا قَرَابَةُ ذِي قُرْبَى وَلَا حَقُّ مُسْلِمٍ
وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْتِزَامِ ذَلِكَ مِنَ التَّكَلُّفِ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ - لَدُنْ أَنْتَ يَافِعٌ - وَتَتَمَحَّضُ لِلزَّمَانِ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى الْجُمْلَةِ وَجَاءَ نَصْبُ غَدْوَةً بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ
لَدُنْ غَدْوَةَ حَتَّى دَنَتْ لِغُرُوبٍ
وَخُرِّجَ عَلَى التَّمْيِيزِ وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ رَفْعَهَا بَعْدَهَا وَخَرَجَ عَلَى إِضْمَارِ كَانَ وَفِيهَا ثَمَانِي لُغَاتٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَدُنْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الدَّالِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَتُخَفَّفُ الضَّمَّةُ كَمَا فِي عَضُدٍ وَحِينَئِذٍ يَلْتَقِي سَاكِنَانِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُ النُّونَ لِذَلِكَ فَيَبْقَى - لَدْ - بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْذِفُ وَيُحَرِّكُ الدَّالَ فَتْحًا فِي قَوْلِ (لَدَنْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالدَّالِ وَسُكُونِ النُّونِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْذِفُ وَيُحَرِّكُ الدَّالَ كَسْرًا فَيَقُولُ لَدِنْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ النُّونِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْذِفُ وَيُحَرِّكُ النُّونَ بِالْكَسْرِ فِي قُولُ لَدْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ النُّونِ وَقَدْ يُخَفَّفُ بِنَقْلِ ضَمَّةِ الدَّالِ إِلَى اللَّامِ كَمَا يُقَالُ فِي عَضُدٍ عُضْدٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الضَّادِ عَلَى قِلَّةٍ وَحِينَئِذٍ يَلْتَقِي سَاكِنَانِ أَيْضًا فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُ النُّونَ لِذَلِكَ فَيَقُولُ لُدْ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْذِفُ وَيُحَرِّكُ النُّونَ بِالْكَسْرِ فَيَقُولُ لُدْنِ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ النُّونِ فَهَذِهِ سَبْعُ لُغَاتٍ وَجَاءَ لَدُ بِحَذْفِ نُونِ لَدُنِ الَّتِي هِيَ أُمُّ الْجَمِيعِ وَبِذَلِكَ تَتِمُّ الثَّمَانِيَةُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ - لَدْ - لَدُنْ أَنَّكَ إِذَا أَضَفْتَهَ لِمُضْمَرٍ جِئْتَ بِالنُّونِ فَتَقُولُ: مِنْ لَدُنْكَ وَلَا يَجُوزُ مِنْ لَدُكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَذَكَرَ لَهَا فِي هَمْعِ الْهَوَامِعِ عَشْرَ لُغَاتٍ مَا عَدَا اللُّغَةَ الْقَيْسِيَّةَ فَلْيُرَاجَعْ