الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1519 مسألة :

                                                                                                                                                                                          وكل صفقة جمعت حراما وحلالا فهي باطل كلها ، لا يصح منها شيء مثل : أن يكون بعض المبيع مغصوبا ، أو لا يحل ملكه ، أو عقدا فاسدا وسواء كان أقل الصفقة ، أو أكثرها ، أو أدناها ، أو أعلاها ، أو أوسطها وقال مالك : إن كان ذلك وجه الصفقة بطلت كلها ، وإن كان شيئا يسيرا بطل الحرام ، وصح الحلال .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذا قول فاسد لا دليل على صحته ، لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول صاحب ، ولا قياس .

                                                                                                                                                                                          ومن العجائب احتجاجهم لذلك بأن قالوا : إن وجه الصفقة هو المراد والمقصود ؟ فقلنا لهم : فكان ماذا ؟ ومن أين وجب بذلك ما ذكرتم ؟ وما هو إلا قولكم احتججتم له بقولكم ، فسقط هذا القول .

                                                                                                                                                                                          وقال آخرون : يصح الحلال قل أو كثر ويبطل الحرام قل أو كثر .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فوجدنا هذا القول يبطله قول الله عز وجل : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } فهذان لم يتراضيا ببعض الصفقة دون بعض ، وإنما تراضيا بجميعها ، فمن ألزمهما بعضها دون بعض فقد ألزمهما ما لم يتراضيا به حين العقد ، فخالف أمر الله تعالى ، وحكم بأكل المال بالباطل وهو حرام بالقرآن ، فإن تراضيا الآن بذلك لم نمنعهما ، ولكن بعقد مجرد برضاهما معا ; لأن العقد الأول لم يقع هكذا .

                                                                                                                                                                                          وأيضا : فإن الصحيح من تلك الصفقة لم يتعاقدا صحته إلا بصحة الباطل الذي لا صحة له ، وكل ما لا صحة له إلا بصحة ما لا يصح أبدا فلا صحة له أبدا وهو قول أصحابنا وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية