الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله معناه يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى آمنوا بمحمد. يؤتكم كفلين من رحمته فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن أحد الأجرين لإيمانهم بمن تقدم من الأنبياء ، والآخر لإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن أحدهما أجر الدنيا ، والآخر أجر الآخرة، قاله ابن زيد. ويحتمل ثالثا: أن أحدهما أجر اجتناب المعاصي، والثاني أجر فعل الطاعات. [ ص: 486 ] ويحتمل رابعا: أن أحدهما أجر القيام بحقوق الله والثاني أجر القيام بحقوق العباد. ويجعل لكم نورا تمشون به فيه قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه القرآن ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الهدى ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثالثا: أنه الدين المتبوع في مصالح الدنيا وثواب الآخرة. وقد روى أبو بريدة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل آمن بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ورجل كانت له أمة فأدبها وأحسن تأديبها ثم أعتقها فتزوجها ، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده) . لئلا يعلم أهل الكتاب قال الأخفش: معناه ليعلم أهل الكتاب وأن (لا) صلة زائدة وقال الفراء: لأن لا يعلم أهل الكتاب و (لا) صلة زائدة في كلام دخل عليه جحد. ألا يقدرون على شيء من فضل الله فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: من دين الله وهو الإسلام قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: من رزق الله ، قاله الكلبي . وفيه ثالث: أن الفضل نعم الله التي لا تحصى.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية