الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( كتاب الزكاة ) واشتقاقها لغة من زكا يزكو ، إذا نما ، أو تطهر يقال : زكا الزرع إذا نما [ ص: 166 ] وزاد وقال تعالى : { قد أفلح من زكاها } أي : طهرها عن الأدناس وتطلق على المدح قال تعالى { : فلا تزكوا أنفسكم } وعلى الصلاح يقال رجل زكي ، أي : زائد الخير من قوم أزكياء وزكى القاضي الشهود : إذا بين زيادتهم في الخير وسمى المال المخرج زكاة لأنه يزيد في المخرج منه ويقيه الآفات وأصل التسمية قوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وقيل : لأنها تطهر مؤديها من الإثم ، وتنمي أجره وقال الأزهري : إنما تنمي الفقراء ( وهي أحد أركان ، الإسلام ) ومبانيه المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس - فذكر منها - وإيتاء الزكاة " ( وفرضت بالمدينة ) ذكره صاحب المغني والمحرر والشيخ تقي الدين قال في الفروع : ولعل المراد طلبها وبعث السعاة لقبضها فهذا بالمدينة ولهذا قال صاحب المحرر : إن الظواهر في إسقاط زكاة التجارة معارضة بظواهر تقتضي وجوب الزكاة في كل مال كقوله { : والذين في أموالهم حق معلوم } واحتج في أن الصلاة لا يجب على كافر فعلها ويعاقب بها بقوله : { وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة } والسورة مكية ، مع أن أكثر المفسرين فسروا الزكاة فيها بالتوحيد ا هـ وقال الحافظ شرف الدين الدمياطي : إنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة ، بعد زكاة الفطر بدليل قول قيس بن سعد بن عبادة : " أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر قبل نزول آية الزكوات " .

                                                                                                                      وفي تاريخ ابن جرير الطبري : أنها فرضت في السنة الرابعة من الهجرة وقيل : فرضت قبل الهجرة ، وبينت بعدها ( وهي ) أي : الزكاة شرعا ( حق واجب ) يأتي تقديره في أبواب المزكيات ( في مال مخصوص ) يأتي بيانه قريبا في كلامه ( لطائفة مخصوصة ) وهم الأصناف الثمانية المشار إليهم بقوله تعالى { : إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية ( في وقت مخصوص ) وهو تمام الحول في الماشية والأثمان وعروض التجارة ، [ ص: 167 ] وعند اشتداد الحب في الحبوب وعند بدو صلاح الثمرة التي تجب فيها الزكاة وعند حصول ما تجب فيه الزكاة من العسل ، واستخراج ما تجب فيه من المعادن ، وعند غروب الشمس من ليلة الفطر لوجوب زكاة الفطر وخرج بقوله " واجب " الحق المسنون كابتداء السلام واتباع الجنازة وبقوله " في مال رد السلام ونحوه ، وبقوله " مخصوص " ما يجب في كل الأموال كالديون والنفقات وبقوله " لطائفة مخصوصة " نحو الدية لأنها لورثة المقتول وبقوله " في وقت مخصوص " نحو النذر والكفارة ثم أشار إلى المال المخصوص بقوله .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية