الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1523 - مسألة : ولا يجوز بيع من لا يعقل لسكر ، أو جنون ، ولا يلزمهما ; لقول الله - تعالى - : { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } .

                                                                                                                                                                                          فشهد - عز وجل - بأن السكران لا يدري ما يقول ، والبيع قول ، أو ما يقوم مقام القول : ممن لا يقدر على القول ممن به آفة من الخرس ، أو بفمه آفة ، فمن لا يدري ما يقول فلم يبع شيئا ولا ابتاع شيئا ؟ وأجازه قوم ولا نعلم لهم حجة أصلا أكثر من أن قالوا : هو عصى الله - تعالى وعز وجل - وأدخل ذلك على نفسه ؟ فقلنا نعم ، وحقه على ذلك الحد في الدنيا ، والنار في الآخرة إلا أن يغفر الله - تعالى - له ، وليس ذلك بموجب إلزامه حكما زائدا لم يلزمه الله - تعالى - إياه ، وهم لا يختلفون في سكران عربد فوقع فانكسرت ساقه ، فإن له من الرخصة في الصلاة قاعدا كالذي أصابه ذلك في سبيل الله - تعالى - ، ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          وكذلك التيمم إذا جرح جراحات تمنعه من الوضوء والغسل - وهذا تناقض سمج - وبالله - تعالى - التوفيق .

                                                                                                                                                                                          ويقولون فيمن تناول البلاذر عمدا فذهب عقله : أن حكمه حكم المجنون الذي لم يدخل ذلك على نفسه في البيع ، والطلاق وغير ذلك ، فأي فرق بين الأمرين ، وأما المجنون فلا يختلفون معنا في ذلك .

                                                                                                                                                                                          فإن قالوا : ومن يدري أنه سكران ؟ قلنا : ومن يدري أنه مجنون ؟ ولعله قد تحامق ، وإنما القول فيمن علم كلا الأمرين منه بالمشاهدة - وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : { رفع القلم عن ثلاث فذكر المبتلى حتى يفيق والصبي حتى يبلغ } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية