الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وستين ومائتين

فمن الحوادث فيها:

خروج المعتمد إلى حرب يعقوب بن الليث الصفار ، وكان يعقوب قد عصى وتجبر ، فعسكر المعتمد يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة ، واستخلف على سامراء ابنه جعفرا ، ثم سار وقدم أخاه أبا أحمد لحربه ، فجعل أبو أحمد على ميمنته موسى بن بغا ، وعلى ميسرته مسرورا ، والتقى العسكران يوم الأحد العاشر من [رجب مع] الظهر ، فشدت ميسرة يعقوب على ميمنة أبي أحمد فهزمتها وقتلت منها جماعة ، وقتل من أصحاب يعقوب جماعة ، وكره أصحابه القتال إذ رأوا السلطان قد حضر لقتاله فحملوا على يعقوب ، فانهزم أصحابه [أقبح هزيمة . وقرئ على الناس كتاب فيه] "ولم يزل المارق المسمى يعقوب [بن الليث الصفار] ينتحل الطاعة حتى أحدث الأحداث المنكرة من مصيره إلى فارس مرة بعد مرة ، واستيلائه على أموالها ، وإقباله إلى باب أمير المؤمنين مظهرا لمسألة أمور ، أجابه أمير المؤمنين فيها إلى ما لم يكن ليستحقه؛ استصلاحا له ، فولاه خراسان ، والري ، وفارس ، وقزوين ، وزنجان ، والشرطة ببغداد ، وأمر أن يكنى في كتابه ، وأقطعه الضياع النفيسة ، فما زاده ذلك إلا طغيانا [ ص: 174 ] وبغيا ، وأمره بالرجوع فأبى ، فنهض أمير المؤمنين لدفع الصفار ، ثم غلب يعقوب بن الليث على فارس ، ثم رجع المعتمد إلى معسكره ، وعاد إلى المدائن .

وفي هذه السنة: ولي القضاء علي بن محمد بن أبي الشوارب ، وولي إسماعيل بن إسحاق قضاء الجانب الشرقي من بغداد ، وجمع له الجانبان .

ومن الحوادث في هذه السنة: ما أنبأنا به أبو بكر بن محمد بن أبي طاهر البزار ، عن أبي الحسين بن المهتدي قال: رأيت بخط ابن الفرات: حدثنا القاضي أبو الحسن الجراحي قال: حدثني عبد الخالق بن الحسن قال: سمعت أبا عون الفرائضي يقول: خرجت إلى مجلس أحمد بن منصور الزيادي سنة اثنتين وستين ومائتين ، فلما صرت بطاق الحراني رأيت رجلا قد أمر بالقبض على امرأة وأمر بجرها ، فقالت له: اتق الله . فأمر أن تجر ، فلم تزل تناشده الله وهو يأمر بجرها إلى أن بلغت باب القنطرة ، فلما يئست من نفسها رفعت رأسها إلى السماء ثم قالت:قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون [39: 46] إن كان هذا الرجل يظلمني فخذه . قال أبو عون: فوقع الرجل على ظهره ميتا وأنا أراه ، فحمل على جنازة ، وانصرفت المرأة .

وحج بالناس في هذه السنة الذي حج بهم قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية