الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (24) قوله تعالى: ضرب الله مثلا كلمة : فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أن "ضرب" متعدية لواحد، بمعنى: اعتمد مثلا، ووضعه، و "كلمة" على هذا منصوبة بمضمر، أي: جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة، وهو تفسير لقوله: ضرب الله مثلا كقولك: "شرف الأمير زيدا كساه حلة، وحمله على فرس"، وبه بدأ الزمخشري . قال الشيخ: "وفيه تكلف إضمار لا ضرورة تدعو إليه". قلت: بل معناه محتاج إليه فيضطر إلى تقديره محافظة على لمح هذا المعنى الخاص.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أن "ضرب" متعدية لاثنين لأنها بمعنى "صير"، لكن مع لفظ "المثل" خاصة، وقد تقدم تقرير هذا أول هذا الموضوع، فتكون "كلمة" مفعولا أول، و "مثلا" هو الثاني، فيما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أنه متعد لواحد وهو "مثلا" و "كلمة" بدل منه، و "كشجرة" خبر مبتدأ مضمر، أي: هي كشجرة طيبة، وعلى الوجهين قبله تكون "كشجرة" نعتا لـ "كلمة". [ ص: 100 ] وقرئ: "كلمة" بالرفع، وفيها وجهان. أحدهما: أنها خبر مبتدأ مضمر، أي: هو، أي: المثل كلمة طيبة، "كشجرة" على هذا نعتا لكلمة. والثاني: أنها مرفوعة بالابتداء، و "كشجرة" خبره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أنس بن مالك: "ثابت أصلها". قال الزمخشري : "فإن قلت: أي فرق بين القراءتين؟ قلت: قراءة الجماعة أقوى معنى; لأن قراءة أنس أجريت الصفة على "الشجرة" وإذا قلت: "مررت برجل أبوه قائم" فهو أقوى من "برجل قائم أبوه" لأن المخبر عنه إنما هو الأب لا رجل.

                                                                                                                                                                                                                                      والجملة من قوله: "أصلها ثابت" في محل جر نعتا لشجرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية