الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في دخول الكعبة

                                                                                                          873 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا وكيع عن إسمعيل بن عبد الملك عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس فرجع إلي وهو حزين فقلت له فقال إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا ابن أبي عمر ) هو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، نزيل مكة ، صدوق [ ص: 520 ] صنف المسند ، وكان لازم ابن عيينة لكن قال أبو حاتم : فيه غفلة من العاشرة ، روى عن فضيل بن عياض وأبي معاوية وخلق وعنه م ت ق وثقه ابن حبان ، وقال أبو حاتم : صدوق حدث بحديث موضوع عن ابن عيينة ، قال البخاري : مات سنة 243 ثلاث وأربعين ومائتين . كذا في التقريب والخلاصة .

                                                                                                          ( وهو قرير العين ) كناية عن السرور والفرح . قال في النهاية : وفي حديث الاستسقاء لو رآك لقرت عيناه أي لسر بذلك وفرح وحقيقته أبرد الله دمعة عينيه ؛ لأن دمعة الفرح والسرور باردة ، وقيل معنى أقر الله عينك بلغك أمنيتك حتى ترضى نفسك وتسكن عينك فلا تستشرف إلى غيره ، انتهى ( فقلت له ) أي استفسرت وجه الحزن ( ووددت أني لم أكن فعلت إلخ ) وفي رواية أبي داود ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها ؛ إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي . قال الشوكاني في النيل : في هذا الحديث دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة في غير عام الفتح ؛ لأن عائشة لم تكن معه فيه إنما كانت معه في غيره وقد جزم جمع من أهل العلم أنه لم يدخل فيه إلا عام الفتح وهذا الحديث يرد عليهم ، وقد تقرر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يدخل البيت في عمرته فتعين أن يكون دخله في حجته وبذلك جزم البيهقي .

                                                                                                          وقد أجاب البعض عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك لعائشة بالمدينة بعد رجوعه من غزوة الفتح وهو بعيد جدا . وفيه أيضا دليل على أن دخول الكعبة ليس من مناسك الحج وهو مذهب الجمهور ، وحكى القرطبي عن بعض العلماء أن دخولها من المناسك ، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن دخولها مستحب ، ويدل على ذلك ما أخرج ابن خزيمة والبيهقي من حديث ابن عباس : من دخل البيت دخل في جنة وخرج مغفورا له ، وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف ، ومحل استحبابه ما لم يؤذ أحدا بدخوله ، انتهى . قلت : ويدل على استحبابه حديث ابن عمر في الباب الآتي .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أبو داود وابن ماجه أيضا .

                                                                                                          [ ص: 521 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية