الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2427 [ ص: 49 ] باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في الباب المتقدم.

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص138 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عامر بن سعد، أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدا يقطع شجرا (أو يخبطه ) فسلبه.

                                                                                                                              فلما رجع سعد جاءه أهل العبد، فكلموه: أن يرد على غلامهم (أو عليهم )، ما أخذ من غلامهم. فقال: معاذ الله! أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبى أن يرد عليهم
                                                                                                                              . ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عامر بن سعد، أن سعدا ) رضي الله عنه، (ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدا يقطع شجرا "أو يخبطه"، فسلبه.

                                                                                                                              فلما رجع سعد جاءه أهل العبد، فكلموه: أن يرد على غلامهم "أو عليهم"، ما أخذ من غلامهم. فقال: معاذ الله! أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ). أي: أعطانيه.

                                                                                                                              قال في القاموس: نفله وأنفله: أعطاه إياه. قال: والنفل محركة: الغنيمة، والهبة.

                                                                                                                              [ ص: 50 ] (وأبى أن يرد عليهم ).

                                                                                                                              هذا الحديث ; صريح في الدلالة على تحريم: صيد المدينة، وشجرها. كما سبق. وإليه ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والجماهير.

                                                                                                                              وخالف فيه أبو حنيفة، والحديث يرد عليه كما قدمناه.

                                                                                                                              قال النووي: وقد ذكر هنا "مسلم" في صحيحه: تحريمها، مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ; من رواية علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وعبد الله بن زيد، ورافع بن خديج، وسهل بن حنيف. وذكر غيره من رواية غيرهم أيضا.

                                                                                                                              فلا يلتفت إلى من خالف هذه الأحاديث، الصحيحة المستفيضة.

                                                                                                                              قال: وفي هذا الحديث ; دلالة لقول الشافعي القديم: إن من صاد في حرم المدينة، أو قطع من شجرها، أخذ سلبه.

                                                                                                                              قال: وبهذا قال سعد بن أبي وقاص، وجماعة من الصحابة. انتهى.

                                                                                                                              وقد حكى ابن قدامة ; عن أحمد في إحدى الروايتين: القول به. قال: وروي ذلك عن ابن أبي ذئب، وابن المنذر. انتهى.

                                                                                                                              وهذا يرد على القاضي عياض، حيث قال: ولم يقل به أحد بعد الصحابة، إلا الشافعي في قوله القديم. وخالفه أئمة الأمصار. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي: قلت: ولا تضر مخالفتهم، إذا كانت السنة معه.

                                                                                                                              [ ص: 51 ] وهذا القول القديم هو المختار ; لثبوت الحديث فيه، وعمل الصحابة على وفقه، ولم يثبت له دافع.

                                                                                                                              قال الشافعية: فإذا قلنا بالقديم، ففي كيفية الضمان وجهان ;

                                                                                                                              أحدهما: يضمن الصيد، والشجر، والكلأ، كضمان حرم مكة.

                                                                                                                              وأصحهما "وبه قطع جمهور المفرعين على هذا القديم": أنه يسلب الصائد، وقاطع الشجر والكلأ. وعلى هذا ; فالمراد بالسلب وجهان ;

                                                                                                                              أحدهما: أنه ثيابه فقط.

                                                                                                                              وأصحهما "وبه قطع الجمهور": أنه كسلب القتيل من الكفار. فيدخل فيه: فرسه، وسلاحه، ونفقته، وغير ذلك مما يدخل في سلب القتيل.

                                                                                                                              قال: وفي مصرف السلب، ثلاثة أوجه ;

                                                                                                                              أصحها: أنه للسالب. وهو الموافق لحديث سعد.

                                                                                                                              والثاني: أنه لمساكين المدينة.

                                                                                                                              والثالث: لبيت المال.

                                                                                                                              قال "في شرح المنتقى": ظاهر الأدلة، أنه للسالب. وأنه طعمة لكل من وجد فيه أحدا يصيد، أو يأخذ من شجرة. انتهى.

                                                                                                                              وقواه في "الدرر البهية". أيضا.

                                                                                                                              [ ص: 52 ] قال النووي: وإذا سلب، أخذ جميع ما عليه إلا ساتر العورة. وقيل: يؤخذ ساتر العورة أيضا.

                                                                                                                              قالوا: ويسلب بمجرد الاصطياد، سواء أتلف الصيد أم لا. انتهى.

                                                                                                                              قال الماوردي: ويبقى له ما يستر عورته..




                                                                                                                              الخدمات العلمية