الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير

                                                                                                                                                                                                                                      وإن كلا التنوين عوض عن المضاف إليه، أي: وإن كل المختلفين فيه المؤمنين منهم والكافرين، وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو بكر بالتخفيف مع الإعمال اعتبارا للأصل لما ليوفينهم ربك أعمالهم أي: أجزية أعمالهم، واللام الأولى موطئة للقسم، والثانية جواب للقسم المحذوف، ولما مركبة من الجارة وما الموصولة أو الموصوفة، وأصلها لمن فقلبت النون ميما للإدغام فاجتمع ثلاث ميمات، فحذفت أولاهن، والمعنى لمن الذي، أو لمن خلق، أو لمن فريق والله ليوفينهم ربك، وقرئ (لما) بالتخفيف على أن ما مزيدة للفصل بين اللامين، والمعنى: وإن جميعهم والله (ليوفينهم) الآية، وقرئ (لما) بالتنوين، أي: جميعا، كقوله سبحانه: أكلا لما وقرأ أبي: (وإن كل لما ليوفينهم) على أن "إن" نافية و"لما" بمعنى: إلا، وقد قرئ به.

                                                                                                                                                                                                                                      إنه بما يعملون أي: بما يعمله كل فرد من المختلفين من الخير والشر خبير بحيث لا يخفي عليه شيء من جلائله ودقائقه، وهو تعليل لما سبق من توفية أجزية أعمالهم، فإن الإحاطة بتفاصيل أعمال الفريقين وما يستوجبه كل عمل بمقتضى الحكمة من الجزاء المخصوص توجب توفية كل ذي حق حقه، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية