الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي [ ص: 530 ] أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون

                                                                                                                                                                                                                                        ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام فيهم قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنهم الكفار والمنافقون ، قاله ابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه النضر وهو من بني عبد الدار قال إذا كان يوم القيامة شفعت لي العزى واللات ، فأنزل الله هذه الآية ، قاله عكرمة . يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم الآية. والإطفاء هو الإخماد ، ويستعملان في النار ، ويستعاران فيما يجري مجراها من الضياء والنور. والفرق بين الإطفاء والإخماد من وجه وهو أن الإطفاء يستعمل في القليل والكثير ، والإخماد يستعمل في الكثير دون القليل ، فيقال أطفأت السراج ولا يقال أخمدت السراج. وفي نور الله هاهنا خمسة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: القرآن ، يريدون إبطاله بالقول ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الإسلام ، يريدون دفعه بالكلام ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه محمد صلى الله عليه وسلم يريدون هلاكه بالأراجيف ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه حجج الله ودلائله ، يريدون إبطالها بإنكارهم وتكذيبهم ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: أنه مثل مضروب ، أي من أراد إطفاء نور الشمس بفيه فوجده مستحيلا ممتنعا فكذلك من أراد إبطال الحق ، حكاه ابن عيسى . وسبب نزول هذه الآية ما حكاه عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطأ عليه الوحي أربعين يوما ، فقال كعب بن الأشرف: يا معشر اليهود أبشروا فقد أطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه ، وما كان الله ليتم أمره ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ، فأنزل الله هذه الآية ، ثم اتصل الوحي بعدها. ليظهره على الدين كله الآية. وفي الإظهار ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: الغلبة على أهل الأديان. [ ص: 531 ] الثاني: العلو على الأديان.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: العلم بالأديان من قولهم قد ظهرت على سره أي علمت به.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية