الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2451 [ ص: 70 ] باب: المدينة تنفي خبثها

                                                                                                                              وزاد النووي: (وتسمى: طابة وطيبة ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص153 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه ; (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء! هلم إلى الرخاء! والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. والذي نفسي بيده! لا يخرج منهم أحد رغبة عنها، إلا أخلف الله فيها خيرا منه. ألا إن المدينة كالكير، تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد" . ).

                                                                                                                              وفي الرواية الأخرى: "كما تنفي النار خبث الفضة" . ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال العلماء: خبث الحديد والفضة، وسخهما، وقذرهما: الذي تخرجه النار منهما.

                                                                                                                              قال عياض: الأظهر: أن هذا مختص بزمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه، إلا من ثبت إيمانه.

                                                                                                                              وأما المنافقون، وجهلة الأعراب، فلا يصبرون على شدة المدينة، [ ص: 71 ] ولا يحتسبون الأجر في ذلك. كما قال ذلك الأعرابي، الذي أصابه الوعك: أقلني بيعتي. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا الذي ادعى أنه الأظهر، ليس بالأظهر. لأن هذا الحديث الأول في صحيح مسلم: (أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تقوم الساعة، حتى تنفي المدينه شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد" ).

                                                                                                                              وهذا والله أعلم، في زمن الدجال. كما جاء في الحديث الصحيح، الذي ذكره مسلم في أواخر الكتاب، في أحاديث الدجال: (أنه يقصد المدينة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج الله بها منها كل كافر ومنافق ).

                                                                                                                              فيحتمل: أنه مختص بزمن الدجال. ويحتمل: أنه في أزمان مختلفة. انتهى.

                                                                                                                              قلت: الظاهر هو الاحتمال الأخير. والحديث علم من أعلام النبوة. وقد وقع كما أخبر الصادق المصدوق، في مطاوي الأزمنة المتفرقة.

                                                                                                                              وفي رواية: (لا يدعها أحد رغبة عنها، إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ).

                                                                                                                              قال عياض: اختلفوا في هذا ;

                                                                                                                              فقيل: هو مختص بمدة حياته، صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              [ ص: 72 ] وقال آخرون: هو عام أبدا. وهذا أصح والله أعلم.

                                                                                                                              وفيه: حث على سكنى المدينة، وفضيلة الصبر على شدتها ولأوائها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية