الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1968 ) فصل : فأما وقت الوجوب فهو وقت غروب الشمس من آخر يوم من رمضان ، فإنها تجب بغروب الشمس من آخر شهر رمضان . فمن تزوج أو ملك عبدا ، أو ولد له ولد أو أسلم قبل غروب الشمس ، فعليه الفطرة .

                                                                                                                                            وإن كان بعد الغروب ، لم تلزمه . ولو كان حين الوجوب معسرا ، ثم أيسر في ليلته تلك أو في يومه ، لم يجب عليه شيء ولو كان في وقت الوجوب موسرا ، ثم أعسر ، لم تسقط عنه اعتبارا بحالة الوجوب . ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر ، فعليه صدقة الفطر . نص عليه أحمد . وبما ذكرنا في وقت الوجوب قال الثوري ، وإسحاق ، ومالك ، في إحدى الروايتين عنه ، والشافعي ، في أحد قوليه .

                                                                                                                                            وقال الليث ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي : تجب بطلوع الفجر يوم العيد . وهو رواية عن مالك ; لأنها قربة تتعلق بالعيد ، فلم يتقدم وجوبها يوم العيد وهو رواية عن مالك كالأضحية . ولنا قول ابن عباس : { إن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث } . ولأنها تضاف إلى الفطر ، فكانت واجبة به ، كزكاة المال ، وذلك لأن الإضافة دليل الاختصاص ، والسبب أخص بحكمه من غيره ، والأضحية لا تعلق لها بطلوع الفجر ولا هي واجبة ولا تشبه ما نحن فيه .

                                                                                                                                            فعلى هذا إذا غربت الشمس ، والعبد [ ص: 359 ] المبيع في مدة الخيار ، أو وهب له عبد فقبله ولم يقبضه ، أو اشتراه ولم يقبضه ، فالفطرة على المشتري والمتهب ; لأن الملك له ، والفطرة على المالك . ولو أوصى له بعبد ومات الموصي قبل غروب الشمس ، فلم يقبل الموصى له حتى غابت ، فالفطرة عليه ، في أحد الوجهين ، والآخر على ورثة الموصي ، بناء على الوجهين في الموصى به هل ينتقل بالموت أو من حين القبول ؟ ولو مات الموصى له قبل الرد وقبل القبول ، فقبل ورثته ، وقلنا بصحة قبولهم ، فهل تكون فطرته على ورثة الموصي ، أو في تركة الموصى له ؟ وجهين ; وقال القاضي : فطرته في تركة الموصى له ; لأننا حكمنا بانتقال الملك من حين القبول . ولو مات قبل الرد وقبل القبول ، فإن كان موته بعد هلال شوال ، ففطرة العبد في تركته ; لأن الورثة إنما قبلوه له .

                                                                                                                                            وإن كان موته قبل هلال شوال ، ففطرته على الورثة . ولو أوصى لرجل برقبة عبد ، ولآخر بمنفعته ، فقبلا ، كانت الفطرة على مالك الرقبة ; لأن الفطرة تجب بالرقبة لا بالمنفعة ولهذا تجب على من لا نفع فيه . ويحتمل أن يكون حكمها حكم نفقته ، وفيها ثلاثة أوجه ; أحدها ، أنها على مالك نفعه . والثاني : على مالك رقبته . والثالث : في كسبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية