الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (52) وقوله تعالى: هذا إشارة إلى ما تقدم من قوله: فلا تحسبن : إلى هنا، أو إلى كل القرآن نزل منزلة الحاضر.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ولينذروا" فيه أوجه، أحدها: أنه متعلق بمحذوف، أي: ولينذروا به أنزلنا عليك.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنه معطوف على محذوف، ذلك المحذوف متعلق بـ "بلاغ"، تقديره: لينصحوا ولينذروا. الثالث: أن الواو مزيدة و "لينذروا" متعلق بـ "بلاغ"، وهو رأي الأخفش، نقله الماوردي. الرابع: أنه محمول على المعنى، أي: ليبلغوا ولينذروا. الخامس: أن اللام لام الأمر. قال بعضهم: وهو حسن لولا قوله: "وليذكر" فإنه منصوب فقط. قلت: لا محذور في ذلك فإن قوله: "وليذكر" ليس معطوفا على ما تقدمه، بل متعلق بفعل مقدر، أي: وليذكر أنزلناه وأوحيناه. السادس: أنه خبر مبتدأ مضمر. التقدير: هذا بلاغ وهو ليذكر، قاله ابن عطية. السابع: أنه عطف مفرد على مفرد، أي: هذا بلاغ وإنذار، قاله المبرد، وهو تفسير معنى لا إعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      الثامن: أنه معطوف على قوله: لتخرج الناس في أول السورة. وهذا [ ص: 135 ] غريب جدا. التاسع: - قاله أبو البقاء - المعنى: "هذا بلاغ للناس وللإنذار، فتعلق بالبلاغ أو بمحذوف إذا جعلت "الناس" صفة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف تقديره: ولينذروا به أنزل وتلي". قلت: فيؤدي التقدير إلى أن يبقى التركيب: هذا بلاغ للإنذار، والإنذار لا يتأتى فيه ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة: "لينذروا" مبنيا للمفعول، وقرأ مجاهد وحميد بن قيس: "ولتنذروا" بتاء مضمومة وكسر الذال، كأن البلاغ للعموم والإنذار للمخاطبين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ يحيى بن عمارة الذارع عن أبيه، وأحمد بن يزيد بن أسيد السلمي "ولينذروا" بفتح الياء والذال من نذر بالشيء، أي: علم به فاستعد له، قالوا: ولم يعرف له مصدر فهو كعسى وغيرها من الأفعال التي لا مصادر لها.

                                                                                                                                                                                                                                      [تمت بحمد الله] *** [ ص: 136 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية