الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                15965 باب ما جاء في قسامة الجاهلية

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ من أصل كتابه ، أنبأ أبو جعفر : أحمد بن عبيد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الملك الأسدي الحافظ بهمذان سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ، ثنا إبراهيم بن الحسين ، ثنا أبو معمر : عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري ، ثنا عبد الوارث بن سعيد ، ثنا قطن : أبو الهيثم ، ثنا أبو يزيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم : كان رجل من بني هاشم استأجر رجلا من قريش من فخذ أخرى ، فانطلق معه في إبله ، فمر به رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه ، فقال : أعني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل ، قال : فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه ، فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا ، فقال الذي استأجره : ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل ؟ قال : ليس له عقال ، قال : فأين عقاله ؟ قال : مر بي رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فاستعانني فقال : أعني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل ، فأعطيته عقاله ، قال : فحذفه بعصا ، كان فيها أجله ، فمر به رجل من أهل اليمن ، قال : أتشهد الموسم ؟ قال : لا أشهد ، وربما شهدت ، قال : هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر ؟ قال : نعم . قال : فكتب إذا أنت شهدت الموسم فناد يا آل قريش ، فإذا أجابوك ، فناد يا آل بني هاشم ، فإذا أجابوك فسل عن أبي طالب ، فأخبره : أن فلانا قتلني في عقال ، قال : ومات المستأجر . فلما قدم الذي استأجره . أتاه أبو طالب فقال : ما فعل صاحبنا ؟ قال : مرض فأحسنت القيام عليه ، ثم مات ، فوليت دفنه ، فقال : كان أهل ذاك منك ، فمكث حينا ، ثم إن الرجل اليماني الذي كان أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم ، فقال : يا آل قريش ، قالوا : هذه قريش ، قال : يا آل بني هاشم ، قالوا [ ص: 130 ] هذه بنو هاشم ، قال : أين أبو طالب ؟ قالوا : هذا أبو طالب ، قال : أمرني فلان : أن أبلغك رسالة : أن فلانا قتله في عقال ، فأتاه أبو طالب ، فقال : اختر منا إحدى ثلاث إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل ، فإنك قتلت صاحبنا بخطإ ، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله ، فإن أبيت قتلناك به ، قال : فأتى قومه ، فذكر ذلك لهم ، فقالوا : نحلف فأتت امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له فقالت : يا أبا طالب ، أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ، ولا تصبر يمينه ، حيث تصبر الأيمان ، ففعل فأتاه رجل منهم ، فقال : يا أبا طالب ، أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل نصيب كل رجل بعيران ، فهذان بعيران ، فاقبلهما عني ، ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان . قال : فقبلهما ، وجاء ثمانية وأربعون رجلا فحلفوا ، فقال ابن عباس : فوالذي نفسي بيده ، ما حال الحول ومن الثمانية والأربعين عين تطرف . رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية