الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حتف ]

                                                          حتف : الحتف : الموت وجمعه حتوف ؛ قال حنش بن مالك :


                                                          فنفسك أحرز ، فإن الحتو ف ينبأن بالمرء في كل واد



                                                          ولا يبنى منه فعل . وقول العرب : مات فلان حتف أنفه أي بلا ضرب ولا قتل ، وقيل : إذا مات فجأة ، نصب على المصدر كأنهم توهموا حتف وإن لم يكن له فعل . قال الأزهري عن الليث : ولم أسمع للحتف فعلا . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من مات حتف أنفه في سبيل الله فقد وقع أجره على الله ) قال أبو عبيد : هو أن يموت موتا على فراشه من غير قتل ولا غرق ولا سبع وغيره ، وفي رواية : فهو شهيد . قال ابن الأثير : هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لأنفه فمات . والحتف : الهلاك ، قال : كانوا يتخيلون أن روح المريض تخرج من أنفه فإن جرح خرجت من جراحته . الأزهري : وروي عن عبيد الله بن عمير أنه قال في السمك : ما مات حتف أنفه فلا تأكله ، يعني الذي يموت منه في الماء وهو الطافي . قال : وقال غيره : إنما قيل للذي يموت على فراشه مات حتف أنفه . ويقال : مات حتف أنفيه لأن نفسه تخرج بتنفسه من فيه وأنفه . قال : ويقال أيضا مات حتف فيه كما يقال مات حتف أنفه ، والأنف والفم مخرجا النفس . قال : ومن قال حتف أنفيه احتمل أن يكون أراد سمي أنفه وهما منخراه ، ويحتمل أن يراد به أنفه وفمه فغلب أحد الاسمين على الآخر لتجاورهما ؛ وفي حديث عامر بن فهيرة :


                                                          والمرء يأتي حتفه من فوقه



                                                          يريد أن حذره وجبنه غير دافع عنه المنية إذا حلت به ، وأول من قال ذلك عمرو بن مامة في شعره ، يريد أن الموت يأتيه من السماء . وفي حديث قيلة : ( أن صاحبها قال لها كنت أنا وأنت كما قيل : حتفها تحمل ضأن بأظلافها ) قال : أصله أن رجلا كان جائعا بالفلاة القفر ، فوجد شاة ولم يكن معه ما يذبحها به ، فبحثت الشاة الأرض فظهر فيها مدية فذبحها بها ، فصار مثلا لكل من أعان على نفسه بسوء تدبيره ؛ ووصف أمية الحية بالحتفة فقال :


                                                          والحية الحتفة الرقشاء أخرجها     من بيتها ، أمنات الله والكلم



                                                          وحتافة الخوان كحتامته : وهو ما ينتثر فيؤكل ويرجى فيه الثواب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية