الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 226 ] ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين

                                                                                                                                                                                                "غيره " : بالرفع على المحل ، وبالجر على اللفظ ، والجملة استئناف تجري مجرى التعليل للأمر بالعبادة ، أفلا تتقون : أفلا تخافون أن ترفضوا عبادة الله الذي هو ربكم وخالقكم ورازقكم ، وشكر نعمته التي لا تحصونها واجب عليكم ، ثم تذهبوا فتعبدوا غيره مما ليس من استحقاق العبادة في شيء ، أن يتفضل عليكم : أن يطلب الفضل عليكم ويرأسكم ؛ كقوله تعالى : وتكون لكما الكبرياء في الأرض [يونس : 78 ] ، "بهذا " : إشارة إلى نوح -عليه السلام- أو إلى ما كلمهم به من الحث على عبادة الله ، أي : ما سمعنا بمثل هذا الكلام ، أو بمثل هذا الذي يدعي وهو بشر أنه رسول الله ، وما أعجب شأن الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر وقد رضوا للإلهية بحجر ، وقولهم : ما سمعنا بهذا : يدل على أنهم وآباؤهم كانوا في فترة متطاولة ، أو تكذبوا في ذلك ؛ لانهماكهم في الغي ، وتشمرهم لأن يدفعوا الحق بما أمكنهم وبما عن لهم ، من غير تمييز منهم بين صدق وكذب ؛ ألا تراهم : كيف جننوه وقد علموا أنه أرجح الناس عقلا وأوزنهم قولا ، والجنة : الجنون أو الجن ، أي : به جن يخبلونه ، حتى حين أي : احتملوه واصبروا عليه إلى زمان ، حتى ينجلي أمره عن عاقبة ، فإن أفاق من جنونه وإلا قتلتموه .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية