الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب السلف في الرطب والتمر

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى والقول في التمر كالقول في الحبوب لا يجوز أن يسلف في تمر حتى يصفه برنيا أو عجوة أو صيحانيا أو برديا ، فإذا اختلفت هذه الأجناس في البلدان فتباينت لم يجز أن يسلف فيها حتى يقول من بردي بلاد كذا أو من عجوة بلاد كذا ، ولا يجوز أن يسمي بلدا إلا بلدا من الدنيا ضخما واسعا كثير النبات الذي يسلم فيه يؤمن بإذن الله تعالى أن تأتي الآفة عليه كله فتنقطع ثمرته في الجديد إن اشترط جديده أو رطبه إذا سلف في رطبه ( قال ) : ويوصف فيه حادرا أو عبلا ودقيقا وجيدا ورديئا ; لأنه قد يقع اسم الجودة على ما فيه الدقة وعلى ما هو أجود منه ويقع اسم الرداءة على الحادر فمعنى رداءته غير الدقة .

( قال الشافعي ) : وإذا سلف في تمر لم يكن عليه أن يأخذه إلا جافا ; لأنه لا [ ص: 105 ] يكون تمرا حتى يجف وليس له أن يأخذ تمرا معيبا وعلامة العيب أن يراه أهل البصر به فيقولون هذا عيب فيه ، ولا عليه أن يأخذ فيه حشفة واحدة ; لأنها معيبة وهي نقص من ماله ، ولا غير ذلك من مستحشفه وما عطش وأضر به العطش منه ; لأن هذا كله عيب فيه ولو سلف فيه رطبا لم يكن عليه أن يأخذ في الرطب يسرا ، ولا مذنبا ، ولا يأخذ إلا ما أرطب كله ، ولا يأخذ مما أرطب كله مشدخا ، ولا قديما قد قارب أن يثمر ، أو يتغير ; لأن هذا إما غير الرطب وإما عيب الرطب وهكذا أصناف الرطب والتمر كله وأصناف العنب وكل ما أسلم فيه رطبا أو يابسا من الفاكهة ( قال الشافعي ) : ولا يصلح السلف في الطعام إلا في كيل أو وزن فأما في عدد فلا ، ولا بأس أن يسلف في التين يابسا وفي الفرسك يابسا وفي جميع ما ييبس من الفاكهة يابسا بكيل كما يسلف في التمر ، ولا بأس أن يسلف فيما كيل منه رطبا كما يسلم في الرطب والقول في صفاته وتسميته وأجناسه كالقول في الرطب سواء لا يختلف فإن كان فيه شيء بعض لونه خير من بعض لم يجز حتى يوصف اللون كما لا يجوز في الرقيق إلا صفة الألوان ( قال ) : وكل شيء اختلف فيه جنس من الأجناس المأكولة فتفاضل بالألوان أو بالعظم لم يجز فيه إلا أن يوصف بلونه وعظمه فإن ترك شيء من ذلك لم يجز ، وذلك أن اسم الجودة يقع على ما يدق ويعظم منه ويقع على أبيضه وأسوده وربما كان أسوده خيرا من أبيضه وأبيضه خير من أسوده وكل الكيل والوزن يجتمع في أكثر معانيه وقليل ما يباين به جملته إن شاء الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية