الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 280 ] [ ص: 281 ] 15

                                كتاب الاستسقاء

                                [ ص: 282 ] [ ص: 283 ] 16 - باب

                                الجهر بالقراءة في الاستسقاء

                                978 1024 - ثنا أبو نعيم، ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة .

                                التالي السابق


                                الصواب.

                                فتبين بهذا: أن النعمان أخطأ في إسناده، فلا يبعد خطؤه في متنه أيضا.

                                وعن أحمد رواية ثالثة: أنه يخير بين أن يخطب قبل الصلاة وبعدها، اختارها جماعة من أصحابنا; لورود النصوص بكلا الأمرين.

                                قال بعض أصحابنا: والأولى للإمام أن يختار الأرفق بالناس، في كل وقت بحسبه.

                                وعن أحمد رواية أخرى: أنه لا يخطب، ولكن يدعو; لقول ابن عباس : لم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في التضرع والتكبير، وصلى ركعتين.

                                خرجه الترمذي وغيره.

                                وظاهر حديث عبد الله بن يزيد يدل على أنه لم يزد على الدعاء أيضا، وعلى ذلك حمله الإمام أحمد في رواية المروذي .

                                وحديث عائشة الذي ذكرناه في " أبواب الاستسقاء": يدل على أن النبي [ ص: 284 ] - صلى الله عليه وسلم - استفتح خطبته بالحمد والتكبير، ثم شرع في الدعاء، واستفتحه بتلاوة أول سورة الفاتحة، ثم بكلمات من الثناء على الله عز وجل، إلى أن نزل، وأنه كان في أول خطبته قاعدا على المنبر، وقد ثبت أنه دعا قائما في حديث عبد الله بن يزيد ، فهذا القدر هو المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يرو عنه أزيد منه في دعاء الاستسقاء.

                                وروى حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس ، قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، لقد جئتك من عند قوم لا يتزود لهم راع، ولا يخطر لهم فحل، فصعد المنبر، فحمد الله، ثم قال: " اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا طبقا مريعا غدقا عاجلا، غير راث" ثم نزل، فما يأتيه أحد من وجه إلا قال: قد أحييتنا.

                                خرجه ابن ماجه .

                                وروي عن حبيب مرسلا، وهو أشبه.

                                وخرج الطبراني من حديث أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى ثم استقبل القوم بوجهه، وقلب رداءه، ثم جثا على ركبتيه، ورفع يديه، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم دعا .

                                وإسناده ضعيف.

                                وقد تقدم عن عمر وعبد الله بن يزيد الأنصاري ، أنهما لم يزيدا على الاستغفار.

                                واختلف القائلون بأنه يخطب - وهم الجمهور-: هل يخطب خطبة واحدة، [ ص: 285 ] أو خطبتين؟ على قولين:

                                أحدهما: يخطب خطبة واحدة، وهو قول ابن مهدي وأحمد وأبي يوسف ومحمد .

                                والثاني: أنه يخطب خطبتين، بينهما جلسة كالعيد، وهو قول الليث ومالك والشافعي ، وروي عن الفقهاء السبعة، وهو وجه ضعيف لأصحابنا.

                                وقالت طائفة: يخير بين الأمرين، وهو قول ابن جرير الطبري ، وحكي مثله عن أبي يوسف ومحمد أيضا.

                                واختلفوا: بماذا تستفتح الخطبة؟

                                فقالت طائفة: بالحمد لله، وحكي عن مالك وأبي يوسف ومحمد ، وهو قول طائفة من أصحابنا، وهو الأظهر.

                                وقد سبق في " الجمعة" توجيه ذلك.

                                ومذهب مالك : ليس في خطبة الاستسقاء تكبير، ذكره في " تهذيب المدونة".

                                وقالت طائفة: يفتتحها بالتكبير كخطبة العيدين، وهو قول أكثر أصحابنا، وطائفة من الشافعية، ونقل أنه نص الشافعي .

                                وقد تقدم من حديث عائشة ما يشهد له.

                                وقالت طائفة: يستفتحها بالاستغفار، وهو قول أبي بكر بن جعفر من أصحابنا، وأكثر أصحاب الشافعي .

                                قال أبو بكر - من أصحابنا-: يستفتحها بالاستغفار، ويختمها به، ويكثر من الاستغفار بين ذلك.

                                [ ص: 286 ] وهو منصوص الشافعي ، ونص على أنه يختمها بقوله: أستغفر الله لي ولكم.

                                وأما الثاني - وهو الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء-: فحديث ابن أبي ذئب عن الزهري الذي خرجه البخاري صريح بذلك.

                                قال الإمام أحمد - في رواية محمد بن الحكم -: كنت أنكره، حتى رأيت في رواية معمر عن الزهري كما قال ابن أبي ذئب .

                                يعني: أنه جهر بالقراءة.

                                وحديث معمر ، خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من رواية عبد الرزاق ، عنه.

                                ولا اختلاف بين العلماء الذين يرون صلاة الاستسقاء، أنه يجهر فيها بالقراءة، وقد تقدم عن عبد الله بن يزيد الخطمي أنه فعله بمشهد من الصحابة.

                                وأكثر العلماء على أنه يقرأ فيهما بما يقرأ في العيدين، وهو قول الثوري ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم.

                                قال الشافعي : وإن قرأ إنا أرسلنا نوحا كان حسنا.

                                وقد قال ابن عباس : إن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى في الاستسقاء ركعتين، كما كان يصلي في العيد .

                                خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                [ ص: 287 ] وصححه الترمذي .

                                وقد روي عن ابن عباس أنه كان يفعل كذلك.

                                وخرج الطبراني من حديث أنس - مرفوعا- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قرأ فيهما بسبح و هل أتاك حديث الغاشية

                                وإسناده لا يصح; فيه مجاشع بن عمرو ، متروك الحديث.

                                وروى عبد الرزاق بإسناده، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يقرأ في ركعتي الاستسقاء بالشمس وضحاها والليل إذا يغشى

                                واختار هذا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا.



                                الخدمات العلمية