الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 78 ] 162 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العقيقة ، وهل هو على الوجوب ؟ أو على الاختيار ؟

قال أبو جعفر : قد روينا فيما تقدم منا في هذه الأبواب في الذبائح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : المولود مرتهن بعقيقته .

وفي ذلك ما قد دل على وجوب ذبحها . وقد روي فيما يؤكد ذلك .

1053 - ما حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي قال : حدثنا الهيثم بن جميل قال : حدثنا عبد الله بن المثنى بن أنس ، عن ثمامة بن أنس ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن نفسه بعدما جاءته النبوة .

[ ص: 79 ]

1054 - وما حدثنا الحسين بن نصر قال : حدثنا الهيثم بن جميل قال : حدثنا عبد الله بن المثنى بن أنس بن مالك قال : حدثني رجل من آل أنس بن مالك ، عن أنس بن مالك ، ثم ذكر مثله .

قال أبو جعفر : فكان فيما روينا من هذا توكيد وجوبها . ثم نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يخالف ذلك أم لا .

1055 - فوجدنا أحمد بن شعيب قد حدثنا قال : حدثنا أحمد بن سليمان يعني الرهاوي قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا داود بن قيس ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، [ ص: 80 ] عن جده قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فقال : لا أحب العقوق ! وكأنه كره الاسم . قال : يا رسول الله ، إنما نسألك عن أحدنا يولد له ! قال : من أحب أن ينسك عن ولده فلينسك عنه ، عن الغلام شاتان مكافأتان ، وعن الجارية شاة .

قال داود : فسألت زيد بن أسلم عن المكافأتين ، قال : الشاتان المشبهتان يذبحان جميعا .

1056 - وحدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من بني ضمرة ، عن رجل من قومه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فقال : ما ترى في العقيقة ؟ فقال : لا أحب العقوق ! ومن ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل .

1057 - ووجدنا عبد الغني بن أبي عقيل قد حدثنا قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من بني ضمرة يحدث [ ص: 81 ] عن أبيه أو عن عمه : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فقال : لا أحب العقوق ! ولكن من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل .

قال أبو جعفر : فكان ما في هذين الحديثين قد دل أن أمرها قد رد إلى الاختيار ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - من ولد له مولود فأراد أو أحب أن ينسك عنه فليفعل .

وكان ما قد رويناه قبل ذلك في توكيد أمرها هو على حسب ما كانت عليه في الجاهلية ، ثم جاء الإسلام فأقرت على ما كانت عليه في الجاهلية .

فعقلنا بذلك أن ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما قد خالف ذلك كان طارئا عليه وناسخا له . والله نسأل التوفيق . !

التالي السابق


الخدمات العلمية