الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        100 [ ص: 58 ] 17 - باب العمل في غسل الجنابة

                                                                                                                        83 - مالك : عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أم المؤمنين ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة ، بدأ بغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كله .

                                                                                                                        [ ص: 59 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 59 ] 2686 - وروى القاسم بن محمد ، وجميع بن عمير ، والأسود بن يزيد ، عن عائشة عن النبي - عليه السلام - في صفة غسل الجنابة مثل ذلك بمعناه .

                                                                                                                        2687 - وهذا الحديث في وصف الاغتسال من الجنابة من أحسن ما روي في ذلك . وفيه فرض وسنة .

                                                                                                                        2688 - فأما السنة فالوضوء قبل الاغتسال ، وثبت ذلك عن النبي - عليه السلام - من وجوه كثيرة من حديث عائشة وحديث ميمونة وغيرهما . فإن لم يتوضأ المغتسل للجنابة قبل الغسل ، ولكنه عم جسده ورأسه ويديه وجميع بدنه [ ص: 60 ] بالغسل بالماء ، وأسبغ ذلك فقد أدى ما عليه إذا قصد الغسل ونواه ؛ لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل دون الوضوء بقوله : " ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا " [ النساء : 43 ] وقوله : " وإن كنتم جنبا فاطهروا " [ المائدة : 6 ] .

                                                                                                                        2689 - وهذا إجماع من العلماء لا خلاف بينهم فيه ، والحمد لله ، إلا أنهم مجمعون أيضا على استحباب الوضوء قبل الغسل للجنب تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفيه الأسوة الحسنة ، ولأنه عون على الغسل وأما الوضوء بعد الغسل فلا وجه له عند أهل العلم .

                                                                                                                        2690 - وقد روى أبو إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة ، قالت : كان النبي - عليه السلام - لا يتوضأ بعد الغسل .

                                                                                                                        2691 - وفي رواية أيوب لحديث مالك هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : " فيخلل أصول شعره مرتين أو ثلاثا ، ثم يفرغ الماء على سائر جسده " .

                                                                                                                        2692 - وأيوب ثقة حافظ .

                                                                                                                        2693 - قال أيوب : فقلت لهشام : فغسل رجليه بعد ذلك ؟ فقال : وضوءه للصلاة .

                                                                                                                        [ ص: 61 ] 2694 - وهذا يدل على أن أعضاء الوضوء لا يعيد المغتسل غسلها في غسله ؛ لأنه قد غسلها في وضوئه .

                                                                                                                        2695 - والابتداء بالوضوء في غسل الجنابة يقتضي تقديم أعضاء الوضوء في الغسل سنة مسنونة في تقديم تلك الأعضاء خاصة ؛ لأنه ليس في الغسل رتبة ، وليس ذلك من باب السنة التي هي غير الفرض . ولذلك لم يحتج أن يعيد تلك الأعضاء بنية الجنابة ؛ لأنه بذلك غسلها وقدم الغسل لها على سائر البدن .

                                                                                                                        2696 - وقد أجمع العلماء على أن الوضوء لا يعاد بعد الغسل : من أوجب منهم المضمضة والاستنشاق ، ومن لم يوجبها ، فدل على ما وصفنا والحمد لله .

                                                                                                                        2697 - وقد ذكرنا في التمهيد حديث عائشة وحديث ميمونة من طرق ، [ ص: 62 ] والمعنى فيها كلها متقارب .

                                                                                                                        2698 - وفي قول عائشة " يدخل أصابعه في الماء فيخلل أصول شعره " ما يقتضي تخليل شعر الرأس وشعر اللحية .

                                                                                                                        2699 - واختلف قول مالك في تخليل الجنب لحيته في غسله :

                                                                                                                        2700 - فروى ابن القاسم عنه - أنه ليس ذلك عليه .

                                                                                                                        2701 - وروى أشهب أن عليه أن يخلل لحيته من الجنابة .

                                                                                                                        2702 - وذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال : هو أحب إلينا .

                                                                                                                        2703 - وكذلك اختلاف الفقهاء في تخليل الجنب لحيته في غسله على هذين القولين .

                                                                                                                        2704 - وحديث عائشة يشهد بصحة قول من رأى التخليل في ذلك ؛ لأنه بيان منه - عليه السلام - لقوله تعالى : " وإن كنتم جنبا فاطهروا " [ المائدة : 6 ] .

                                                                                                                        2705 - وأما قوله : " ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات " فالعدد في ذلك استحباب . وما أسبغ وعم وبالغ في ذلك أجزأه .

                                                                                                                        2706 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن رجل يقال له عاصم : أن رهطا أتوا عمر بن الخطاب فسألوه عن الغسل من الجنابة فقال : أما الغسل فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اغسل رأسك ثلاث مرات وادلكه ، ثم أفض الماء على جلدك .

                                                                                                                        [ ص: 63 ] 2707 - وأما قوله " ثم يفيض الماء على جلده كله " فقد اختلف العلماء في الجنب يغتسل ، فيصب الماء على جلده ويعمه بذلك ولا يتدلك : فالمشهور من مذهب مالك أنه لا يجزئه ذلك حتى يتدلك ؛ لأن الله تعالى أمر الجنب بالاغتسال كما أمر المتوضئ بغسل وجهه ويديه إلى المرفقين . ولم يكن بد للمتوضئ من إمرار يديه بالماء على وجهه ويديه إلى المرفقين فكذلك جميع جسد الجنب ورأسه في حكم وجه المتوضئ ويديه . وهذا قول المزني واختياره .

                                                                                                                        2708 - وقال أبو الفرج المالكي : وهذا هو المعقول من لفظ الاغتسال في اللغة . ومن لم يمر يديه - فلم يفعل غير صب الماء . ولا يسميه أهل اللسان العربي غاسلا ، بل يسمونه صابا للماء ومنغمسا فيه .

                                                                                                                        2709 - ثم قال : ويخرج هذا عندي - والله أعلم - أنه لما كان المعتاد من المنغمس في الماء وصابه عليه - أنهما لا يكادان يسلمان من أن ينكب الماء عن المواضع المأمور بها - وجب لذلك عليهما أن يمرا أيديهما على أبدانهما .

                                                                                                                        2710 - قال : فأما إن طال مكث الإنسان في ماء أو والى صبه عليه من غير أن يمر يديه على بدنه فإنه ينوب ذلك عن إمرار يديه .

                                                                                                                        2711 - ثم قال : وإلى هذا المعنى ذهب مالك .

                                                                                                                        [ ص: 64 ] 2712 - هذا كله قول أبي الفرج ، وقد عاد إلى جواز الغسل للمنغمس في الماء إذا بالغ ولم يتدلك . ونقض ما تقدم له . وخالف ظاهر قول مالك وأصحابه إلا أن على ذلك جماعة الفقهاء وجمهور العلماء .

                                                                                                                        2713 - وقد روي عن ميمون بن مهران كقول مالك سواء في ذلك .

                                                                                                                        2714 - وروي نحوه عن أبي العالية .

                                                                                                                        2715 - واختلف فيه عن الحسن وعطاء .

                                                                                                                        2716 - سئل مالك عن الجنب يفيض عليه الماء . قال : لا ، بل يغتسل غسلا .

                                                                                                                        2717 - وقال أبو العالية : يجزئ الجنب من غسل الجنابة أن يغوص غوصة ، غير أنه يمر يديه على جلده .

                                                                                                                        2718 - وذكر دحيم ، عن كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، قال : إذا اغتسلت من الجنابة فاغسل جلدك وكل شيء تناله يدك .

                                                                                                                        2719 - وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهما ، والثوري ، والأوزاعي : يجزئ الجنب إذا انغمس في الماء ولم يتدلك . وبه قال أحمد بن حنبل ، وأبو ثور ، وداود ، وإسحاق ، والطبري ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم .

                                                                                                                        2720 - وهو قول عامر الشعبي ، وإبراهيم النخعي ، وابن شهاب الزهري ، وحماد بن أبي سليمان ، وعلي بن حسين ، ومحمد بن علي .

                                                                                                                        [ ص: 65 ] 2721 - وروى مروان بن محمد الطاطري - وهو من ثقات التابعين - عن مالك بن أنس مثل ذلك .

                                                                                                                        2722 - وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد .

                                                                                                                        2723 - واختلف عن الحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح في هذه المسألة على القولين جميعا .

                                                                                                                        2724 - وقد ذكرنا في التمهيد عنهما مع جماعة من التابعين غيرهما أنهم قالوا : إذا انغمس الرجل في نهر انغماسة أجزأه .

                                                                                                                        2725 - ومن حجتهم أن كل من صب عليه الماء فقد اغتسل ؛ لقول العرب : غمستني السماء .

                                                                                                                        [ ص: 66 ] 2726 - قال أبو عمر : أمر الله تعالى المتوضئ بغسل جسده كله ، وبين ذلك رسول الله باغتساله ، ونقلت كافة العلماء مثل ما تواترت به أخبار الآحاد العدول بأن فعل رسول الله في غسله وجهه ويديه في وضوئه كان بإمرار كفيه على وجهه ويديه إلى مرفقيه ، وأن غسله من الجنابة كان بعد وضوئه بإفاضة الماء على جلده كله . ولم يذكروا تدلكا ولا عركا بيديه .

                                                                                                                        2727 - وأمر رسول الله بغسل النجاسات من الثياب ، فمرة قال لأسماء في دم الحيض : اقرصيه ، واعركيه ، ومرة أمر في بول الغلام بأن يصب عليه الماء ، وأن يتبع البول الماء دون عرك ولا مرور بيد .

                                                                                                                        2728 - فدل هذا كله على أن الغسل في لسان العرب يكون مرة بالعرك ، ومرة بالصب والإفاضة .

                                                                                                                        2729 - كل ذلك يسمى غسلا في اللغة العربية .

                                                                                                                        2730 - وقد حكي عن بعض العرب : غسلتني السماء ، يعني بما انصب عليه من الماء .

                                                                                                                        2731 - وإذا كان هذا على ما وصفنا فغير نكير أن يكون الله تعبد عباده في الوضوء بأن يمروا بالماء أكفهم على وجوههم وأيديهم إلى المرافق ، ويكون ذلك غسلا ، وأن يفيضوا الماء على أنفسهم في غسل الجنابة والحيض ، ويكون ذلك غسلا [ ص: 67 ] موافقا للسنة غير خارج من اللغة ، وأن يكون كل واحد من الأمرين أصلا في نفسه لا يجب رد أحدهما إلى صاحبه ؛ لأن الأصول لا يرد بعضها إلى بعض قياسا .

                                                                                                                        2732 - وهذا ما لا خلاف بين الأمة فيه وإنما ترد الفروع قياسا على الأصول ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                        2733 - وقد وصفت عائشة وميمونة غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة ولم تذكرا تدلكا .

                                                                                                                        2734 - وكذلك الحديث الذي ذكر عن عمر بن الخطاب قوله : ثم أفض الماء على جلدك ولم يذكر تدلكا .

                                                                                                                        2735 - وذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن زيد بن أسلم ، قال : سمعت علي بن الحسين يقول : ما مس الماء منك وأنت جنب فقد طهر ذلك المكان .

                                                                                                                        2736 - وقال أبو عمر : إذا نوى بصب الماء وانغماسه فيه غسل الجنابة .

                                                                                                                        2737 - واختلف الفقهاء في الوضوء ، وفي الغسل من الجنابة بغير نية .

                                                                                                                        2738 - فقال ربيعة ، والليث ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وأبو عبيدة ، وداود ، والطبري : لا تجزئ الطهارة للصلاة والغسل من الجنابة ولا التيمم إلا بنية ، وحجتهم في ذلك قوله تعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين [ ص: 68 ] له الدين " [ سورة البينة : 5 ] .

                                                                                                                        2739 - والإخلاص : النية في التقرب إليه ، والقصد إلى أداء ما افترض .

                                                                                                                        2740 - وقال - صلى الله عليه وسلم - " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " وهذا يقتضي أن يكون كل عمل بغير نية لا يجزئ .

                                                                                                                        2741 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري : أما كل طهارة بماء كالوضوء والغسل من الجنابة فإنها تجزئ بغير نية ، ولا يجزئ التيمم إلا بنية .

                                                                                                                        2742 - وقال الأوزاعي والحسن بن حي : يجزئ الوضوء والغسل والتيمم بغير نية له ( واختلف عن زفر فروي عنه لا يجزئ بغير نية ) كقول أبي حنيفة والثوري . وروي عنه : أنه يجزئه كقول الحسن بن حي ، والأوزاعي .

                                                                                                                        2743 - وروى ابن المبارك ، والفريابي ، وعبد الرزاق ، عن الثوري ، قال : إذا علمت الرجل التيمم لم يجزك إلا أن تكون نويته . وإن علمته الوضوء أجزأك ، وإن لم تنوه .

                                                                                                                        [ ص: 69 ] 2744 - وروى أبو المغيرة عبد القدوس ، عن الأوزاعي أنه سئل عن رجل علم آخر التيمم - وهو لا ينوي التيمم لنفسه - فحضرت الصلاة . فقال يصلي بتيممه ذلك ، كما لو توضأ وهو لا ينوي الصلاة كان طاهرا .

                                                                                                                        2745 - وحجة من أسقط وجوب النية في الطهارة بالماء أن ذلك ليس منه فرض ونافلة فيحتاج المتوضئ فيه إلى نية .

                                                                                                                        2746 - قالوا : وإنما يحتاج إلى النية فيما فيه من الأعمال فرض ونفل ؛ ليفرق بالنية بين الفريضة والنفل .

                                                                                                                        2747 - وأما الوضوء فهو فرض للنافلة وللفريضة ، ولا يصنعه أحد إلا لذلك ، فاستغنى عن النية .

                                                                                                                        2748 - قالوا : وأما التيمم فهو بدل من الوضوء فلا بد فيه من النية .

                                                                                                                        2749 - ومن جمع في ذلك بين التيمم والوضوء فحجته في ذلك واحدة ، ومن حجتهم أيضا الإجماع على إزالة النجاسات من الأبدان والثياب بغير نية ، وهي طهارة واجبة فرضا عندهم .

                                                                                                                        2750 - قالوا : وكذلك الوضوء .

                                                                                                                        2751 - قال أبو عمر : الصحيح في هذا الباب قول من قال : لا تجزئ طهارة للصلاة إلا بنية لها وقصد إليها ؛ لأن المفترضات لا تؤدى إلا بقصد وإرادة ، ولا يسمى الفاعل فاعلا حقيقة إلا بقصد منه إلى الفعل .

                                                                                                                        2752 - ومحال أن يتأدى عن المرء ما لم يقصد إلى أدائه وينويه بفعله لأنه لا [ ص: 70 ] تكون قربة إلا من متقرب بها قد انطوى ضميره عليها ، وهو الإخلاص الذي أمر الله به عباده ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                        2753 - واختلف الفقهاء فيمن اغتسل للجمعة وهو جنب ، ولم يذكر :

                                                                                                                        2754 - فقالت طائفة : تجزئه ؛ لأنه اغتسل للصلاة واستباحها . وليس عليه مراعاة الحدث ونحوه ، كما ليس عليه أن يراعي حدث البول والغائط والريح وغير ذلك من الأحداث ، وإنما عليه أن يتوضأ للصلاة ، فكذلك الغسل للصلاة يوم الجمعة يجزئه من الجنابة .

                                                                                                                        2755 - وممن قال بهذا من أصحاب مالك ، ابن وهب ، وأشهب ، وابن نافع ، وابن كنانة ، ومطرف ، وعبد الملك ، ومحمد بن مسلمة . وإليه ذهب المزني من أصحاب الشافعي .

                                                                                                                        2756 - وقال آخرون : لا يجزئ الجنب غسل يوم الجمعة من غسل الجنابة إذا كان ناسيا لجنابته في حين الغسل ، ولم يقصد إلى ذلك ؛ لأن الغسل للجمعة سنة ، والاغتسال من الجنابة فرض . ومحال أن تجزئ سنة عن فرض ، كما لا تجزئ ركعتا الفجر عن صلاة الصبح ، ولا أربع ركعات قبل الظهر عن صلاة الظهر .

                                                                                                                        2757 - وهو قول ابن القاسم وابن عبد الحكم عن مالك .

                                                                                                                        2758 - ولم يختلف أصحاب مالك فيمن اغتسل للجنابة لا ينوي الجمعة أنه غير مغتسل للجمعة ولا يجزئه من غسل الجمعة ، إلا ما ذكره محمد بن عبد الحكم [ ص: 71 ] وأبو إسحاق البرقي عن أشهب أنه قال : يجزئه غسل الجنابة من غسل الجمعة .

                                                                                                                        2759 - وقال عبد العزيز بن أبي سلمة ، والثوري ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، والليث بن سعد ، والطبري : من اغتسل للجنابة يوم الجمعة أجزأه غسل الجنابة من غسل الجمعة والجنابة جميعا .

                                                                                                                        2760 - وأجمعوا في الجنب ينوي بغسله الجنابة والجمعة أنه يجزئه عنهما إلا شيئا روي عن مالك قال به أهل الظاهر : أنه لا يجزئ عن واحد منهما إذا خلط النية فيهما ، قياسا على من خلط الفرض بالنافلة في الصلاة .

                                                                                                                        2761 - وهذا لا يصح لأهل الظاهر لدفعهم القياس ، وقول من قال بهذا تعسف وشذوذ من القول ، ولا سلف لقائله ، ولا وجه له .

                                                                                                                        2762 - وذكر أبو بكر الأثرم قال : قلت لأحمد بن حنبل : رجل اغتسل يوم الجمعة من جنابة ، ونوى مع ذلك غسل الجمعة . فقال : أرجو أن يجزئه منهما جميعا .

                                                                                                                        2763 - قلت له : يروى عن مالك أنه قال : لا يجزئه عن واحد منهما ، فأنكره .

                                                                                                                        2764 - قال أبو بكر : حدثنا أحمد بن أبي شعيب ، قال حدثنا موسى بن أعين ، عن ليث ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يغتسل للجمعة والجنابة غسلا واحدا .

                                                                                                                        2765 - حدثنا أحمد بن عبد الله ، قال حدثني أبي ، قال حدثنا عبد الله بن يونس ، حدثنا بقي ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا جرير عن ليث ، عن [ ص: 72 ] نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل للجمعة والجنابة غسلا واحدا .

                                                                                                                        2766 - ولا مخالف له - علمت - من الصحابة .




                                                                                                                        الخدمات العلمية