الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1589 - مسألة : ومن اشترى عدلا على أن فيه عددا مسمى من الثياب ، أو كذا وكذا رطلا من سمن أو عسل ، أو غير ذلك مما يوزن ، أو كذا وكذا تفاحة ، أو غير ذلك مما يعد ، أو كذا وكذا مدا مما يكال - أو اشترى صبرة على أن فيها كذا وكذا قفيزا أو نحو ذلك ، أو شيئا على أن فيه كذا وكذا ذراعا ، فوجد أقل أو أكثر : فالصفقة كلها مفسوخة أبدا ; لأنه أخذ غير ما اشترى ، فهو أكل مال بالباطل لا بتجارة عن تراض .

                                                                                                                                                                                          وبالضرورة يدري كل سليم الحس أن العدل الذي فيه خمسون ثوبا ليس هو العدل الذي فيه تسعة وأربعون ثوبا ، ولا هو أيضا العدل الذي فيه واحد وخمسون ثوبا ، وهكذا أيضا في سائر الأعداد ، والأوزان ، والأكيال ، والذرع .

                                                                                                                                                                                          فلو لم يقع عقد البيع على ذلك لكن المعهود والمعروف أن في تلك الأعدال عددا معروفا ، وكذلك تلك الصبرة ، وكذلك سائر المكيلات ، والموزونات ، والمذروعات ، والمعدودات ، أو وصفه البائع بتلك الصفة ، إلا أن البيع لم ينعقد على ذلك .

                                                                                                                                                                                          فإن كان ما وجد من النقص يحط من الثمن الذي اشتراه به ما لا يتغابن به الناس بمثله فهو مخير بين رد أو إمساك ، ولا شيء له غير ذلك .

                                                                                                                                                                                          وإن كان ما وجد من الزيادة يزيد على الثمن الذي باع به البائع زيادة لا يتغابن الناس بها ، فالبائع مخير بين رد أو رضا ; لأن كلا الأمرين غبن لأحد المتبايعين ، والغبن لا يحل إلا برضا المغبون ومعرفته بقدره ، وإلا فهو أكل مال بالباطل ، لا تجارة عن تراض ، ، وليس أحدهما أولى بالحياطة والنظر له من الآخر ، ومن قال غير هذا فهو مبطل متحكم بلا برهان ، وبالله - تعالى - نتأيد .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية