الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2545 [ ص: 163 ] باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في الباب المتقدم.

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص204 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ; قالا: حدثنا مالك. ح وحدثنا يحيى بن يحيى (واللفظ له ) قال: قلت لمالك: حدثك عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها" ؟ قال: نعم . ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عباس ) رضي الله عنهما ; (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها. " )

                                                                                                                              قال النووي: يحتمل "من حيث اللفظ" أن المراد: أحق منه في كل شيء، من عقد وغيره، كما قاله أبو حنيفة وداود.

                                                                                                                              ويحتمل: أنها أحق بالرضا. أي: لا تزوج حتى تنطق بالإذن، بخلاف البكر.

                                                                                                                              [ ص: 164 ] ولكن، لما صح قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا نكاح إلا بولي"، مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي: تعين الاحتمال الثاني.

                                                                                                                              قال: واعلم أن لفظة: "أحق هنا"، للمشاركة. معناه: أن لها في نفسها "في النكاح" حقا، ولوليها حقا.

                                                                                                                              وحقها أوكد من حقه ; فإنه لو أراد تزويجها "كفؤا"، وامتنعت: لم تجبر.

                                                                                                                              ولو أرادت أن تتزوج "كفؤا"، فامتنع الولي: أجبر. فإن أصر، زوجها القاضي.

                                                                                                                              فدل على: تأكيد حقها ورجحانه.

                                                                                                                              قال: وأما الثيب، فلابد فيها من النطق بلا خلاف ; سواء كان "الولي" أبا، أو غيره. لأنه زال كمال حيائها، بممارسة الرجال.

                                                                                                                              وسواء زالت بكارتها بنكاح صحيح، أو فاسد، أو بوطء شبهة، أو بزنا. ولو زالت بكارتها بوثبة، أو بإصبع، أو بطول المكث، أو وطئت في دبرها، فلها حكم الثيب على الأصح. وقيل: حكم البكر. والله أعلم. انتهى.

                                                                                                                              وكذلك: لا فرق بين الثيب الصغيرة، والكبيرة. [ ص: 165 ] (والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها ).

                                                                                                                              ظاهره: وجوب "الاستئذان"، في كل بكر بالغة، وكل ولي. وأن سكوتها: يكفي مطلقا.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا هو الصحيح.

                                                                                                                              وقال بعض الشافعية: إن كان الولي أبا أو جدا: فاستئذانها مستحب. ويكفي فيه سكوتها. ولو زوجها بغير استئذانها: صح، لكمال شفقته.

                                                                                                                              وإن كان غيرهما "من الأولياء": فلابد من نطقها: ولم يصح إنكاحها قبله. لأنها تستحي من الأب والجد، أكثر من غيرهما.

                                                                                                                              قال النووي: والصحيح الذي عليه الجمهور: أن السكوت كاف في جميع الأولياء، لعموم الحديث، لوجود الحياء.

                                                                                                                              قال: ومذهب الجمهور: أنه لا يشترط إعلام البكر، بأن سكوتها إذن.

                                                                                                                              وشرطه بعض المالكية. واتفق أصحاب مالك على استحبابه. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية