الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 242 ] وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون

                                                                                                                                                                                                قد ألزمهم الحجة في هذه الآيات وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله ، مخبور سره وعلنه ، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم ، وأنه لم يعرض له حتى يدعى بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل ، ولم يجعل ذلك سلما إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم ، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم ، مع إبراز المكنون من أدوائهم ، وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل ، واستهتارهم بدين الآباء الضلال من غير برهان ، وتعللهم : بأنه مجنون بعد ظهور الحق وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة ، وكراهتهم للحق ، وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر ، يحتمل أن هؤلاء وصفتهم أنهم لا يؤمنون بالآخرة ، "لناكبون" أي : عادلون عن هذا الصراط المذكور ، وهو قوله : إلى صراط مستقيم [البقرة : 213 ] ، وأن كل من لا يؤمن بالآخرة فهو عن القصد ناكب ؛ لما أسلم ثمامة بن أثامة الحنفي ولحق باليمامة ، ومنع الميرة من أهل مكة وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز ، جاء أبو سفيان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له : أنشدك الله والرحم ، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ فقال : بلى ، فقال : قتلت الآباء بالسيف ، والأبناء بالجوع .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية