الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      ما تعبدون من دونه أي: من دون الله شيئا إلا أسماء فارغة لا مطابق لها في الخارج؛ لأن ما ليس فيه مصداق إطلاق الاسم عليه لا وجود له أصلا، فكانت عبادتهم لتلك الأسماء فقط سميتموها جعلتموها أسماء، وإنما لم يذكر المسميات تربية لما يقتضيه المقام من إسقاطها عن مرتبة الوجود، وإيذانا بأن تسميتهم في البطلان حيث كانت بلا مسمى كعبادتهم حيث كان بلا معبود أنتم وآباؤكم بمحض جهلكم وضلالتكم ما أنزل الله بها أي: بتلك التسمية المستتبعة للعبادة من سلطان من حجة تدل على صحتها إن الحكم في أمر العبادة المتفرعة على تلك التسمية إلا لله عز سلطانه؛ لأنه المستحق لها بالذات إذ هو الواجب بالذات الموجد للكل والمالك لأمره أمر استئناف مبني على سؤال ناشئ من قوله: (إن الحكم إلا لله) فكأنه قيل: فماذا حكم الله في هذا الشأن؟ فقيل: أمر على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ألا تعبدوا أي: بأن لا تعبدوا إلا إياه حسبما [ ص: 279 ] تقضي به قضية العقل أيضا ذلك أي: تخصيصه تعالى بالعبادة الدين القيم الثابت المستقيم الذي تعاضدت عليه البراهين عقلا ونقلا ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك هو الدين القيم لجهلهم بتلك البراهين، أو لا يعلمون شيئا أصلا، فيعبدون أسماء سموها من تلقاء أنفسهم معرضين عن البرهان العقلي والسلطان النقلي، وبعد تحقيق الحق، ودعوتهما إليه - وبيانه لهما مقداره الرفيع ومرتبة علمه الواسع - شرع في تفسير ما استفسراه، ولكونه بحثا مغايرا لما سبق فصله عنه بتكرير الخطاب فقال:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية