الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (59) قوله تعالى: إلا آل لوط : فيه أوجه، أحدها: أنه مستثنى متصل على أنه مستثنى من الضمير المستكن في "مجرمين" بمعنى: أجرموا كلهم إلا آل لوط فإنهم لم يجرموا، ويكون قوله إنا لمنجوهم استئناف إخبار بنجاتهم لكونهم لم يجرموا، ويكون الإرسال حينئذ شاملا للمجرمين ولآل لوط، لإهلاك أولئك، وإنجاء هؤلاء.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه استثناء منقطع; لأن آل لوط لم يندرجوا في المجرمين البتة. قال الشيخ: "وإذا كان استثناء منقطعا فهو مما يجب فيه النصب، لأنه من الاستثناء الذي لا يمكن توجه العامل إلى المستثنى فيه; لأنهم لم يرسلوا إليهم، إنما أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة، ويكون قوله: إنا لمنجوهم [ ص: 168 ] جرى مجرى خبر "لكن" في اتصاله بآل لوط، لأن المعنى: لكن آل لوط منجوهم. وقد زعم بعض النحويين في الاستثناء المنقطع المقدر بـ "لكن" إذا لم يكن بعده ما يصح أن يكون خبرا أن الخبر محذوف، وأنه في موضع رفع لجريان "إلا" وتقديرها بـ "لكن".

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: وفيه نظر; لأن قولهم: لا يتوجه عليه العامل، أي: لا يمكن، نحو: "ضحك القوم إلا حمارهم"، و "صهلت الخيل إلا الإبل". وأما هذا فيمكن الإرسال إليهم من غير منع. وأما قوله: "لأنهم لم يرسلوا إليهم" فصحيح لأن حكم الاستثناء كله هكذا، وهو أن يكون خارجا عن ما حكم به عن الأول، لكنه لو تسلط عليه لصح ذلك، بخلاف ما ذكرته من أمثلتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية