الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة إحدى وتسعين ومائتين

فمن الحوادث فيها:


وقعة بين أصحاب السلطان وبين القرامطة [فهزموا القرامطة] وأسروا وقتلوا ، وتفرق الباقون في البوادي ، وتبعهم أصحاب السلطان ، ثم وقعوا بالقرمطي ، فأخذوه ، وكان يقال له صاحب الشامة ، فحمل إلى الرقة ظاهرا للناس وعليه برنس ، ثم إن المكتفي رحل إلى بغداد ، وحمل معه القرمطي في أول صفر فعزم أن يصلب القرمطي على دقل ، ويجعل الدقل على ظهر فيل ، فأمر بهدم طاقات الأبواب لئلا ترده .

ثم استسمج فعل ذلك ، ثم جعل له كرسيا ارتفاعه ذراعان ونصف على ظهر الفيل ، ودخل المكتفي إلى بغداد والأسرى بين يديه مقيدون ، ورئيس القوم قد جعل في فيه خشبة مخروطة ، وشدت إلى قفاه كهيئة اللجام ، وأمر المكتفي ببناء دكة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي ارتفاعها عشرة أذرع ، وبنى لها درجا فلما كان يوم الاثنين لسبع بقين [من ربيع الأول] أمر المكتفي القواد والغلمان بحضور الدكة ، فحضر الناس وجيء بالأسارى وهم يزيدون على ثلاثمائة ، وجيء بالقرمطي الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة فصعد به إلى الدكة ، وقدم [له]

[ ص: 23 ]

أربعة وثلاثون إنسانا من الأسارى ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وضربت أعناقهم واحدا [بعد] واحد ، ثم قدم كبيرهم فضرب مائتي سوط ، وقطعت يداه ورجلاه ، وكوي ، ثم أحرق ورفع [رأسه] على خشبة ، ثم قتل الباقون ، وصلب بدن القرمطي في طرف الجسر الأعلى .

ولثلاث بقين من رجب قرئ كتاب من خراسان يذكر فيه: أن الترك قصدوا المسلمين في جيش عظيم ، وكان في عسكرهم سبعمائة قبة تركية ، ولا يكون ذلك إلا للرؤساء منهم ، فخرج من المسلمين خلق كثير فكبسوهم مع الصبح ، وانهزم الباقون .

وفى شعبان ورد الخبر بأن صاحب الروم وجه عشرة صلبان ، معها مائة ألف رجل إلى الثغور ، فأغاروا وسبوا من قدروا عليه من المسلمين وأحرقوا .

وفى رمضان ورد الخبر من القاسم بن سيما من الرحبة ، يذكر أن الأعراب الذين استأمنوا ممن كان مع القرمطي [نكثوا وغدروا ، و] عزموا أن يكبسوا الرحبة يوم الفطر عند اشتغال الناس بالصلاة ، وإني وقعت عليهم وأسرت .

وحج بالناس في هذه السنة الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن العباس بن محمد . [ ص: 24 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية