الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الملك بعدما جاءه السفير بالتعبير وسمع منه ما سمع من نقير وقطمير ائتوني به لما علم من علمه وفضله فلما جاءه أي: يوسف الرسول واستدعاه إلى الملك قال ارجع إلى ربك أي: سيدك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن أي: ففتشه عن شأنهم، وإنما لم يقل: فاسأله أن يفتش عن ذلك حثا للملك على الجد في التفتيش ليتبين برءاته ويتضح نزاهته؛ إذ السؤال مما يهيج الإنسان على الاهتمام في البحث للتفصي عما توجه إليه، وأما الطلب فمما قد يتسامح ويتساهل فيه ولا يبالى به، وإنما لم يتعرض لامرأة العزيز - مع ما لقي منها ما لقي من مقاساة الأحزان ومعاناة الأشجان والأحزان - محافظة على مواجب الحقوق واحترازا عن مكرها، حيث اعتقدها مقيمة في عدوة العداوة، وأما النسوة فقد كان يطمع في صدعهن بالحق وشهادتهن بإقرارها بأنها راودته عن نفسه فاستعصم، ولذلك اقتصر على وصفهن بتقطيع الأيدي ولم يصرح بمراودتهن له، وقولهن: أطع مولاتك، واكتفي بالإيماء إلى ذلك بقوله: إن ربي بكيدهن عليم مجاملة معهن، واحترازا عن سوء قالتهن عند الملك وانتصابهن للخصومة؛ مدافعة عن أنفسهن متى سمعن بنسبته لهن إلى الفساد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية