الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      كأن لم يغنوا أي لم يقيموا فيها متصرفين في أطرافها متقلبين في أكنافها، والجملة إما خبر بعد خبر، أو حال بعد حال.

                                                                                                                                                                                                                                      ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود العدول عن الإضمار إلى الإظهار للمبالغة في تفظيع حالهم وليكون أنسب بمن شبه هلاكهم بهلاكهم، وإنما شبه هلاكهم بهلاكهم لأن عذاب كل كان بالصيحة غير أنه روى الكلبي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن صيحة ثمود كانت من تحتهم، وصيحة مدين كانت من فوقهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ السلمي وأبو حيوة (بعدت) بضم العين، والجمهور بكسرها على أنه من بعد يبعد بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع بمعنى هلك، ومنه قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      يقولون: (لا تبعد) وهم يدفونني وأين مكان البعد إلا مكانيا

                                                                                                                                                                                                                                      وأما بعد يبعد بالضم فهو البعد ضد القرب قاله ابن قتيبة، قيل: أرادت العرب بهذا التغيير الفرق بين المعنيين، وقال ابن الأنباري: من العرب من يسوي بين الهلاك والبعد الذي هو ضد القرب، وفي القاموس البعد المعروف والموت، وفعلهما ككرم وفرح بعدا وبعدا بفتحتين، وقال المهدوي: إن بعد بالضم يستعمل في الخير والشر، وبعد بالكسر في الشر خاصة، وكيفما كان الأمر فالمراد ببعدت على تلك القراءة أيضا هلكت غاية الأمر أنه في ذلك إما حقيقة أو مجاز، ومن هلك فقد بعد ونأى كما قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      ومن كان بينك في التراب وبينه     شهران فهو في غاية (البعد)

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 130 ] وفي الآية ما يسمى الاستطراد، قيل: ولم يرد في القرآن من هذا النوع إلا ما في هذا الموضع، وقد استعملته العرب في أشعارها، ومن ذلك قول حسان رضي الله تعالى عنه:


                                                                                                                                                                                                                                      إن كنت كاذبة الذي حدثتني     فنجوت منجى الحرث بن هشام
                                                                                                                                                                                                                                      ترك الأحبة أن يقاتل دونهم     ونجا برأس طمرة ولجام

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية