الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما النية فاعزم على إجابة الله عز وجل في امتثال أمره بالصلاة وإتمامها والكف عن نواقضها ومفسداتها .

التالي السابق


(وأما النية فاعزم) بالجزم الصادق (على إجابة الله تعالى في امتثال أمره) وإطاعته (في الصلاة وإتمامها) بأركانها وشروطها (والكف عن نواهيها) ، وفي نسخة عن نواقضها (ومفسداتها) المذكورة في فروع المذهب، أما النواهي فقد تقدمت الإشارة إليها آنفا .

وأما المفسدات فلم يذكرها المصنف إلا بالتلويح في هذا الموضع، وسأبينها على مذهب المصنف على قدر التيسير، فأقول: الذي يفسد الصلاة عشرة أشياء؛ أحدها: النطق بكلام ولو لمصلحة الصلاة بحرفين أفهما كقم أو حرف مفهم نحو ق من الوقاية، وكذا مدة بعد حرف في الأصح، وإن لم يفهم، والأصح أن التنحنح والضحك والبكاء ولو من خوف الآخرة والأنين والنفخ إن أظهر به حرفا بطلت، وإلا فلا، وتبطل بالقهقهة عمدا، ويعذر في يسير الكلام عرفا إن سبق اللسان إليه أو جهل تحريمه لقرب عهده بالإسلام لا في كثيره، فإنه لا يعذر فيه في الأصح، وصحح السبكي تبعا [ ص: 141 ] للمتولي أن الكلام الكثير ناسيا لا يبطل لقصة ذي اليدين، ويعذر في اليسير عرفا من التنحنح وغيره، ولو تكلم ناسيا لتحريم الكلام في الصلاة بطلت كنسيان النجاسة في ثوبه صرح به الجويني، ولو أكره على الكلام اليسير بطلت في الأظهر، ولو نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم كقوله: يا يحيى خذ الكتاب مفهما به من يستأذن في أخذ شيء أن يأخذه إن قصد معه قراءة لم تبطل وإلا بطلت به، ولا تبطل بالذكر والدعاء إن لم يخاطب به كقوله لعاطس: رحمك الله، ونحو ذلك، ولو سكت طويلا عمدا في ركن طويل لم تبطل في الأصح، وثانيها: الفعل الكثير المتوالي من غير جنس الصلاة في غير صلاة شدة الخوف، أما القليل كالخطوتين أو الضربتين فلا يبطل إلا إن قصد اللعب، وتبطل بالوثبة الفاحشة لا الحركات الخفيفة المتوالية في الأصح، وسهو الفعل المبطل كعمده في الأصح، وثالثها المفطر إلا أن يكون قليلا ناسيا أو جاهلا تحريمه، فلو كان بفمه سكرة فبلع ذوبها بطلت في الأصح، ورابعها: نية الخروج والتردد في قطع الصلاة وتعليقه بشيء. وخامسها: كشف عورة مع القدرة على سترها إلا إن كشفها الريح فسترها حالا. وسادسها: ترك التوجه حيث يشترط، وسابعها: الردة ولو حكما كالواقعة من الصبي، وثامنها: اتصال نجاسة به إلا إن نحاها حالا، وتاسعها: تكرير ركن فعلي عمدا، وتقديمه على غيره وترك ركن عمدا، وعاشرها: الحدث ولو بلا قصد، وحادي عشر: فعل ركن أو طول زمن مع شك في النية، فهذه أصول مبطلات الصلاة، وما زاد عن ذلك وما يتفرع منها من دقائق المسائل فتطلب من فروع المتأخرين، والله أعلم .




الخدمات العلمية