الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين

                                                                                                                                                                                                                                        ألم نهلك الأولين يعني من العصاة ، وفيمن أريد بهم وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : قوم نوح عليه السلام لعموم هلاكهم بالطوفان لأن هلاكهم أشهر وأعم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه قوم كل نبي استؤصلوا ، لأنه في خصوص الأمم أندر . ثم نتبعهم الآخرين يعني في هلاكهم بالمعصية كالأولين ، إما بالسيف وإما بالهلاك . كذلك نفعل بالمجرمين يحتمل وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه تهويل لهلاكهم في الدنيا اعتبارا .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه إخبار بعذابهم في الآخرة استحقاقا . ألم نخلقكم من ماء مهين فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : من صفوة الماء ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : من ماء ضعيف ، قاله مجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : من مني سائل ، قاله ابن كامل . فجعلناه في قرار مكين فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : قاله وهب بن منبه في رحم أمه لا يؤذيه حر ولا برد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : مكين حريز لا يعود فيخرج ولا يبث في الجسد فيدوم ، قاله الكلبي . إلى قدر معلوم إلى يوم ولادته . فقدرنا فنعم القادرون في قراءة نافع مشددة ، وقرأ الباقون مخففة ، فمن قرأ بالتخفيف فتأويلها : فملكنا فنعم المالكون . ومن قرأ بالتشديد فتأويلها : فقضينا فنعم القاضون ، وقال الفراء : هما لغتان ومعناهما واحد .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 179 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ألم نجعل الأرض كفاتا فيه أربعة تأويلات : أحدها : يعني كنا ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : غطاء ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : مجمعا ، قاله المفضل .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : وعاء قال الصمصامة بن الطرماح


                                                                                                                                                                                                                                        فأنت اليوم فوق الأرض حي وأنت غدا تضمك من كفات .



                                                                                                                                                                                                                                        أحياء وأمواتا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الأرض تجمع الناس أحياء على ظهرها وأمواتا في بطنها ، قاله قتادة والشعبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن من الأرض أحياء بالعمارة والنبات ، وأمواتا بالجدب والجفاف ، وهو أحد قولي مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية