الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2522 [ ص: 208 ] باب النهي عن نكاح المحرم وخطبته

                                                                                                                              وقال النووي: (باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص193 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن نبيه بن وهب ; أن عمر بن عبيد الله: أراد أن يزوج طلحة بن عمر، بنت شيبة بن جبير. فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك. وهو أمير الحج. فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان. ) رضي الله عنه (يقول: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح، ولا يخطب" ). ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              أي: لا يزوج امرأة بولاية، ولا وكالة.

                                                                                                                              وسببه: أنه لما منع في مدة الإحرام: من العقد لنفسه، صار كالمرأة. فلا يعقد لنفسه ولا لغيره.

                                                                                                                              قال النووي: وظاهر هذا العموم: أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة: كالأب، والأخ، والعم، ونحوهم. أو بولاية عامة: وهو السلطان، والقاضي، ونائبه.

                                                                                                                              وهذا هو الصحيح. وبه قال جمهور الشافعية.

                                                                                                                              [ ص: 209 ] قال: والنهي عن النكاح والإنكاح "في حال الإحرام": نهي تحريم ; فلو عقد لم ينعقد ; سواء كان المحرم هو الزوج، أو الزوجة، أو العاقد لهما: بولاية، أو وكالة. فالنكاح باطل في كل ذلك.

                                                                                                                              قال: وأما قوله: لا يخطب. فهو نهي تنزيه، ليس بحرام.

                                                                                                                              وكذلك يكره للمحرم: أن يكون شاهدا في نكاح، عقده المحلون. والصحيح الذي عليه الجمهور: انعقاده بشهادته.

                                                                                                                              قال: اختلف أهل العلم في نكاح المحرم ;

                                                                                                                              فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء من الصحابة، فمن بعدهم: لا يصح نكاح المحرم. واعتمدوا أحاديث الباب.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة، والكوفيون: يصح نكاحه، لحديث قصة ميمونة.

                                                                                                                              وأجيب عنه بأجوبة أصحها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إنما تزوجها حلالا. هكذا رواه أكثر الصحابة.

                                                                                                                              قال عياض وغيره: لم يرو: أنه تزوجها محرما، إلا ابن عباس وحده. وروت ميمونة، وأبو رافع، وغيرهما: أنه تزوجها حلالا. وهم أعرف بالقضية لتعلقهم بها. بخلاف ابن عباس. ولأنهم أضبط منه وأكثر.

                                                                                                                              ومنها: أنه تزوجها في الحرم، وهو حلال. ويقال لمن هو في الحرم: "محرم"، وإن كان حلالا. وهي لغة شائعة معروفة. ومنه البيت المشهور: [ ص: 210 ]

                                                                                                                              قتلوا ابن عفان الخليفة محرما

                                                                                                                              .

                                                                                                                              أي: في حرم المدينة.

                                                                                                                              ومنها: أنه تعارض القول والفعل. والصحيح حينئذ "عند أهل الأصول": ترجيح القول، لأنه يتعدى إلى الغير. والفعل قد يكون مقصورا عليه.

                                                                                                                              ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خص به دون الأمة. وهذا أصح الوجهين عند الشافعية.

                                                                                                                              والوجه الثاني: أنه حرام في حقه كغيره، وليس من الخصائص. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية