الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير البيضاوي

البيضاوي - ناصر الدين أبي الخيرعبد الله بن عمر بن علي البيضاوي

صفحة

جزء

قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى

( قال فما بال القرون الأولى ) فما حالهم بعد موتهم من السعادة والشقاوة .

( قال علمها عند ربي ) أي هو غيب لا يعلمه إلا هو وإنما أنا عبد مثلك لا أعلم منه إلا ما أخبرني به .

( في كتاب ) مثبت في اللوح المحفوظ ، ويجوز أن يكون تمثيلا لتمكنه في علمه بما استحفظه العالم وقيده بالكتبة ويؤيده . ( لا يضل ربي ولا ينسى ) والضلال أن تخطئ الشيء في مكانه فلم تهتد إليه ، والنسيان أن تذهب عنه بحيث لا يخطر ببالك ، وهما محالان على العالم بالذات ، ويجوز أن يكون سؤاله دخلا على إحاطة قدرة الله تعالى بالأشياء كلها وتخصيصه أبعاضها بالصور والخواص المختلفة ، بأن ذلك يستدعي علمه بتفاصيل الأشياء وجزئياتها ، والقرون الخالية مع كثرتهم وتمادي مدتهم وتباعد أطرافهم كيف أحاط علمه بهم [ ص: 30 ]

وبأجزائهم وأحوالهم فيكون معنى الجواب : أن علمه تعالى محيط بذلك كله وأنه مثبت عنده لا يضل ولا ينسى .

قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى

( قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى ) فَمَا حَالُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ .

( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ) أَيْ هُوَ غَيْبٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ وَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكَ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا مَا أَخْبَرَنِي بِهِ .

( فِي كِتَابٍ ) مُثْبَتٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِتَمَكُّنِهِ فِي عِلْمِهِ بِمَا اسْتَحْفَظَهُ الْعَالَمَ وَقَيَّدَهُ بِالْكَتَبَةِ وَيُؤَيِّدُهُ . ( لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) وَالضَّلَالُ أَنْ تُخْطِئَ الشَّيْءَ فِي مَكَانِهِ فَلَمْ تَهْتَدِ إِلَيْهِ ، وَالنِّسْيَانُ أَنْ تَذْهَبَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَخْطُرُ بِبَالِكَ ، وَهُمَا مُحَالَانِ عَلَى الْعَالِمِ بِالذَّاتِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُ دَخْلًا عَلَى إِحَاطَةِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَتَخْصِيصِهِ أَبْعَاضَهَا بِالصُّوَرِ وَالْخَوَاصِّ الْمُخْتَلِفَةِ ، بِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي عِلْمَهُ بِتَفَاصِيلِ الْأَشْيَاءِ وَجُزْئِيَّاتِهَا ، وَالْقُرُونُ الْخَالِيَةُ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَتَمَادِي مُدَّتِهِمْ وَتَبَاعُدِ أَطْرَافِهِمْ كَيْفَ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِهِمْ [ ص: 30 ]

وَبِأَجْزَائِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ فَيَكُونُ مَعْنَى الْجَوَابِ : أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنَّهُ مُثْبَتٌ عِنْدَهُ لَا يَضِلُّ وَلَا يَنْسَى .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث