الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون [ 59 ] .

                                                                                                                                                                                                                                        ( أن ) الثانية في موضع رفع بالمنع ، والأولى في موضع نصب به . وهذه آية مشكلة . حدثنا علي بن الحسين ، عن الحسن بن محمد قال : حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، أو ينحي عنهم الجبال فيزرعوا . فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم لعلنا أن نجتبي منهم ، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت قبلهم [ ص: 430 ] الأمم . قال : لا ، بل أستأني بهم . فأنزل الله تعالى : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة . قال أبو جعفر : التقدير في العربية : وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحوها إلا أن كذب بمثلها الأولون فأهلكوا واستؤصلوا ، فجعل الله - جل وعز - ما فيه من الصلاح لهم ، فإن قال قائل : فقد أعطي الأولون مثل هذا ولم يؤمنوا ، فما الفرق ؟ فالجواب أن الفرق بينهم علم الله - جل وعز - بأن من هؤلاء من يؤمن ومن هؤلاء ومن أولادهم من يؤمن ، وأن أولئك لا يؤمنون ولا يولد لهم من يؤمن . ( وآتينا ثمود الناقة ) مفعولان ، ولم ينصرف ثمود لأنه جعله اسما للقبيلة ، ويجوز صرفه بجعله اسما للحي ، ( مبصرة ) على الحال ، وهو عند أكثر النحويين البصريين على النسب ، وقال بعضهم : مبصرة بمعنى مبصرة أي مبينة ، مثل مكرم ومكرم . وقال الفراء : مبصرة أي مضيئة ، مثل : " والنهار مبصرا " . قال الفراء : ومن قال : ( مبصرة ) أراد مثل قول عنترة :


                                                                                                                                                                                                                                        والكفر مخبثة لنفس المنعم



                                                                                                                                                                                                                                        قال : فإذا وضعت مفعلة مكان فاعل كفت من الجمع والتأنيث . قال أبو إسحاق : من قرأ " مبصرة " فالمعنى : مبينة . ( فظلموا بها ) التقدير : فظلموا بعقرها وكفرهم بخالقها . ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) قيل : يعني به الآيات التي تتلى .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية