الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد .

                                                          تأذن بمعنى آذن وأعلم، ولفظ تأذن يدل على المبالغة في الإعلام، وتكرره آنا بعد آن، وشكر النعمة أداؤها فيما خلقت له، فشكر نعمة الأذن ألا يسمع إلى منكر، وشكر نعمة اللسان ألا ينطق إلا بالحق، وشكر نعمة العقل ألا يذعن إلا للحق ولا يفكر إلا في الوصول إلى الحق والإيمان بالتوحيد، والإنسان مغمور في نعم من لسان ينطق وأذن تسمع، وعين تبصر وجوارح تكسب، وكل نعمة لها شكرها، فإن شكر زادها الله تعالى.

                                                          وكفر النعمة ألا يتخذها في طاعة، فكفر ذي المال بإنفاقه في غير حله، والاستعلاء به وبطر العيش، وأن يطغى إذا استغنى.

                                                          ولقد قال تعالى: لئن شكرتم لأزيدنكم هذا شرط مؤكد بالقسم، والجواب لأزيدنكم جواب القسم ودل على جواب الشرط، واللام موطئة للقسم، وكان الجواب مؤكدا بنون التوكيد الثقيلة، وكذلك في قوله: [ ص: 3995 ] ولئن كفرتم إن عذابي لشديد هذا لأن الشكر جواب القسم، وهو دليل على الجواب، وليس نصا فيه لأن الجواب بمدلول الله، ولكن إن كفرتم لأعذبنكم، إن عذابي لشديد، والمعنى إن شكرتم أجرتم لا محالة، وزادكم الله نعمة، وإن كفرتم منعتم وعوقبتم، وإن الله تعالى شديد شدة بالغة الغاية.

                                                          وإن هذا يدل على أن الطاعة تعود عائدتها على من قام بها، لأن شكر المنعم، وشكر النعمة يزيدها، وإن كفر النعمة معه عذاب أليم، والله غني عن العباد، ولذا قال تعالى:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية