nindex.php?page=treesubj&link=28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين
استئناف نتيجة لحاصل المحاجة الماضية ، أي قد ثبت بما تقدم
nindex.php?page=treesubj&link=28666إبطال إلهية غير الله ، فثبت أن لكم إلها واحدا لا شريك له ، ولكون ما مضى كافيا في إبطال إنكارهم الوحدانية عريت الجملة عن المؤكد تنزيلا لحال المشركين بعدما سمعوا من الأدلة منزلة من لا يظن به أنه يتردد في ذلك بخلاف قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إن إلهكم لواحد في سورة الصافات ; لأن ذلك ابتداء كلام لم يتقدمه دليل ، كما أن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=163وإلهكم إله واحد في سورة البقرة خطاب لأهل الكتاب .
[ ص: 128 ] وتفرع عليه الإخبار بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة
وهو تفريع الأخبار عن الأخبار ، أي يتفرع على هذه القضية القاطعة بما تقدم من الدلائل أنكم قلوبكم منكرة ، وأنتم مستكبرون وأن ذلك ناشئ عن عدم إيمانكم بالآخرة .
والتعبير عن المشركين بالموصول وصلته الذين لا يؤمنون بالآخرة ; لأنهم قد عرفوا بمضمون الصلة واشتهروا بها اشتهار لمز وتنقيص عند المؤمنين ، كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا ، وللإيماء إلى أن لهذه الصلة ارتباطا باستمرارهم على العناد ; لأن انتفاء إيمانهم بالبعث والحساب قد جرأهم على نبذ دعوة الإسلام ظهريا فلم يتوقعوا مؤاخذة على نبذها ، على تقدير أنها حق فينظروا في دلائل أحقيتها مع أنهم يؤمنون بالله ولكنهم لا يؤمنون بأنه أعد للناس يوم جزاء على أعمالهم .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22قلوبهم منكرة جاحدة بما هو واقع ، استعمل الإنكار في جحد الأمر الواقع ; لأنه ضد الإقرار ، فحذف متعلق ( منكرة ) لدلالة المقام عليه ، أي منكرة للوحدانية .
وعبر بالجملة الاسمية
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22قلوبهم منكرة للدلالة على أن الإنكار ثابت لهم دائم لاستمرارهم على الإنكار بعد ما تبين من الأدلة ، وذلك يفيد أن الإنكار صار لهم سجية ، وتمكن من نفوسهم ; لأنهم ضروا به من حيث إنهم لا يؤمنون بالآخرة فاعتادوا عدم التبصر في العواقب .
وكذلك جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22وهم مستكبرون بنيت على الاسمية للدلالة على تمكن الاستكبار منهم ، وقد خولف ذلك في آية سورة الفرقان
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ; لأن تلك الآية لم تتقدمها دلائل على الوحدانية مثل الدلائل المذكورة في هذه الآية .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23لا جرم أن الله يعلم معترضة بين الجملتين المتعاطفتين .
[ ص: 129 ] والجرم - بالتحريك - : أصله البد ، وكثر في الاستعمال حتى صار بمعنى حقا ، وقد تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=22لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون في سورة هود .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23أن الله يعلم في موضع جر بحرف جر محذوف متعلق بـ ( جرم ) ، وخبر ( لا ) النافية محذوف لظهوره ، إذ التقدير : لا جرم موجود ، وحذف الخبر في مثله كثير ، والتقدير : لا جرم في أن الله يعلم أو لا جرم من أنه يعلم ، أي لا بد أنه يعلم ، أي لا بد من علمه ، أي لا شك في ذلك .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23أن الله يعلم خبر مستعمل كناية عن الوعيد بالمؤاخذة بما يخفون وما يظهرون من الإنكار والاستكبار وغيرهما مؤاخذة عقاب وانتقام ، فلذلك عقب بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23إنه لا يحب المستكبرين الواقعة موقع التعليل والتذييل لها ; لأن الذي لا يحب فعلا - وهو قادر - يجازي فاعله بالسوء .
والتعريف في المستكبرين للاستغراق ; لأن شأن التذييل العموم ، ويشمل هؤلاء المتحدث عنهم فيكون إثبات العقاب لهم كإثبات الشيء بدليله .
nindex.php?page=treesubj&link=28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
اسْتِئْنَافُ نَتِيجَةٍ لِحَاصِلِ الْمُحَاجَّةِ الْمَاضِيَةِ ، أَيْ قَدْ ثَبَتَ بِمَا تَقَدَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=28666إِبْطَالُ إِلَهِيَّةِ غَيْرِ اللَّهِ ، فَثَبَتَ أَنَّ لَكُمْ إِلَهًا وَاحِدًا لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَلِكَوْنِ مَا مَضَى كَافِيًا فِي إِبْطَالِ إِنْكَارِهِمُ الْوَحْدَانِيَّةِ عَرِيَتِ الْجُمْلَةُ عَنِ الْمُؤَكِّدِ تَنْزِيلًا لِحَالِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَمَا سَمِعُوا مِنَ الْأَدِلَّةِ مَنْزِلَةَ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ دَلِيلٌ ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=163وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ خِطَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ .
[ ص: 128 ] وَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ
وَهُوَ تَفْرِيعُ الْأَخْبَارِ عَنِ الْأَخْبَارِ ، أَيْ يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْقَاطِعَةِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّلَائِلِ أَنَّكُمْ قُلُوبُكُمْ مُنْكِرَةٌ ، وَأَنْتُمْ مُسْتَكْبِرُونَ وَأَنَّ ذَلِكَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ إِيمَانِكُمْ بِالْآخِرَةِ .
وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ; لِأَنَّهُمْ قَدْ عُرِفُوا بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ وَاشْتُهِرُوا بِهَا اشْتِهَارَ لَمْزٍ وَتَنْقِيصٍ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ ، كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا ، وَلِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ لِهَذِهِ الصِّلَةِ ارْتِبَاطًا بِاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْعِنَادِ ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ إِيمَانِهِمْ بِالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ قَدْ جَرَّأَهُمْ عَلَى نَبْذِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ ظِهْرِيًّا فَلَمْ يَتَوَقَّعُوا مُؤَاخَذَةً عَلَى نَبْذِهَا ، عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا حَقٌّ فَيَنْظُرُوا فِي دَلَائِلِ أَحَقِّيَّتِهَا مَعَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُ أَعَدَّ لِلنَّاسِ يَوْمَ جَزَاءٍ عَلَى أَعْمَالِهِمْ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ جَاحِدَةٌ بِمَا هُوَ وَاقِعٌ ، اسْتُعْمِلَ الْإِنْكَارُ فِي جَحْدِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِ ; لِأَنَّهُ ضِدُّ الْإِقْرَارِ ، فَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ ( مُنْكِرَةٌ ) لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ عَلَيْهِ ، أَيْ مُنْكِرَةٌ لِلْوَحْدَانِيَّةِ .
وَعَبَّرَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ ثَابِتٌ لَهُمْ دَائِمٌ لِاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْإِنْكَارِ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ مِنَ الْأَدِلَّةِ ، وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ الْإِنْكَارَ صَارَ لَهُمْ سَجِيَّةً ، وَتَمَكَّنَ مِنْ نُفُوسِهِمْ ; لِأَنَّهُمْ ضُرُّوا بِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فَاعْتَادُوا عَدَمَ التَّبَصُّرِ فِي الْعَوَاقِبِ .
وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=22وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ بُنِيَتْ عَلَى الِاسْمِيَّةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِ الِاسْتِكْبَارِ مِنْهُمْ ، وَقَدْ خُولِفَ ذَلِكَ فِي آيَةِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ; لِأَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ لَمْ تَتَقَدَّمْهَا دَلَائِلُ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ مِثْلُ الدَّلَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَعَاطِفَتَيْنِ .
[ ص: 129 ] وَالْجَرَمُ - بِالتَّحْرِيكِ - : أَصْلُهُ الْبُدُّ ، وَكَثُرَ فِي الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى صَارَ بِمَعْنَى حَقًّا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=22لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ فِي سُورَةِ هُودٍ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِحَرْفِ جَرٍّ مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِـ ( جَرَمَ ) ، وَخَبَرُ ( لَا ) النَّافِيَةِ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ ، إِذِ التَّقْدِيرُ : لَا جَرَمَ مَوْجُودٌ ، وَحَذْفُ الْخَبَرِ فِي مِثْلِهِ كَثِيرٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَا جَرَمَ فِي أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَوْ لَا جَرَمَ مِنْ أَنَّهُ يَعْلَمُ ، أَيْ لَا بُدَّ أَنَّهُ يَعْلَمُ ، أَيْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ ، أَيْ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً عَنِ الْوَعِيدِ بِالْمُؤَاخَذَةِ بِمَا يُخْفُونَ وَمَا يُظْهِرُونَ مِنَ الْإِنْكَارِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَغَيْرِهِمَا مُؤَاخَذَةِ عِقَابٍ وَانْتِقَامٍ ، فَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=23إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ الْوَاقِعَةِ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ وَالتَّذْيِيلِ لَهَا ; لِأَنَّ الَّذِي لَا يُحِبُّ فِعْلًا - وَهُوَ قَادِرٌ - يُجَازِي فَاعِلَهُ بِالسُّوءِ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْمُسْتَكْبِرِينَ لِلِاسْتِغْرَاقِ ; لِأَنَّ شَأْنَ التَّذْيِيلِ الْعُمُومُ ، وَيَشْمَلُ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمْ فَيَكُونُ إِثْبَاتُ الْعِقَابِ لَهُمْ كَإِثْبَاتِ الشَّيْءِ بِدَلِيلِهِ .