الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب السلف في الثياب

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سئل ابن شهاب عن ثوب بثوبين نسيئة فقال لا بأس به ولم أعلم أحدا يكرهه ( قال الشافعي ) : وما حكيت من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل على أهل نجران ثيابا معروفة عند أهل العلم بمكة ونجران ، ولا أعلم خلافا في أنه يحل أن يسلم في الثياب بصفة ، قال والصفات في الثياب التي لا يستغنى عنها ، ولا يجوز السلف حتى تجمع أن يقول لك الرجل أسلم إليك في ثوب مروي أو هروي أو رازي أو بلخي أو بغدادي طوله كذا وعرضه كذا صفيقا دقيقا أو رقيقا فإذا جاء به على أدنى ما تلزمه هذه الصفة لزمه وهو متطوع بالفضل في الجودة إذا لزمتها الصفة وإنما قلت دقيقا ; لأن أقل ما يقع عليه اسم الدقة غير متباين الخلاف في أدق منه وأدق منه زيادة في فضل الثوب ولم أقل صفيقا مرسلة ; لأن اسم الصفاقة قد يقع على الثوب الدقيق والغليظ فيكون إن أعطاه غليظا أعطاه شرا من دقيق ، وإن أعطاه دقيقا أعطاه شرا من غليظ وكلاهما يلزمه اسم الصفاقة قال وهو كما وصفت في الأبواب قبله إذا ألزم أدنى ما يقع عليه الاسم من الشرط شيئا وكان يقع الاسم على شيء مخالف له هو خير منه لزم المشتري ; لأن الخير زيادة يتطوع بها البائع ، وإذا كان يقع على ما هو شر منه لم يلزمه ; لأن الشر نقص لا يرضى به المشتري ( قال ) : فإن شرطه صفيقا ثخينا لم يكن له أن يعطيه دقيقا ، وإن كان خيرا منه ; لأن في الثياب علة أن الصفيق الثخين يكون أدفأ في البرد وأكن في الحر وربما كان أبقى فهذه علة تنقصه ، وإن كان ثمن الأدق أكثر فهو غير الذي أسلف فيه وشرط لحاجته ( أخبرنا الربيع ) : قال ( قال الشافعي ) : وإن أسلم في ثياب بلد بها ثياب مختلفة الغزل والعمل يعرف كلها باسم سوى اسم صاحبه لم يجز السلف حتى يصف فيه ما وصفت قبل ويقول ثوب كذا وكذا من ثياب بلد كذا ومتى ترك من هذا شيئا لم يجز السلف ; لأنه بيع مغيب غير موصوف كما لا يجوز في التمر حتى يسمى جنسه ( قال ) : وكل ما أسلم فيه من أجناس الثياب هكذا كله إن كان وشيا نسبه يوسفيا أو نجرانيا أو فارعا أو باسمه الذي يعرف به ، وإن كان غير وشي من العصب والحبرات وما أشبهه ، وصفه ثوب حبرة من عمل بلد كذا دقيق البيوت ، أو متركا مسلسلا أو صفته أو جنسه الذي هو جنسه وبلده فإن اختلف عمل ذلك البلد قال من عمل كذا للعمل الذي .

[ ص: 125 ] يعرف به لا يجزئ في السلم دونه وكذلك في ثياب القطن كما وصفت في العصب قبلها وكذلك البياض والحرير والطيالسة والصوف كله والإبريسم وإذا عمل الثوب من قز أو من كتان أو من قطن وصفه ، وإن لم يصف غزله إذا عمل من غزول مختلفة أو من كرسف مروي أو من كرسف خشن لم يصح ، وإن كان إنما يعمل من صنف واحد ببلده الذي سلف فيه لم يضره أن لا يصف غزله إذا وصف الدقة والعمل والذرع وقال في كل ما يسلم فيه جيد أو رديء ولزمه كل ما يقع عليه اسم الجودة أو الرداءة أو الصفة التي يشترط قال ، وإن سلف في وشي لم يجز حتى يكون للوشي صفة يعرفها أهل العدل من أهل العلم ، ولا خير في أن يريه خرقة ويتواضعانها على يد عدل يوفيه الوشي عليها إذا لم يكن الوشي معروفا كما وصفت ; لأن الخرقة قد تهلك فلا يعرف الوشي . .

التالي السابق


الخدمات العلمية