الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            16445 - وعن عدي بن حاتم قال : كنت قاعدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جاء من بدر ، فقال رجل من الأنصار : وهل لقينا إلا عجائز كالجزر المعقلة فنحرناها ؟ فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأيته كأنه تفقأ فيه حب الرمان ، ثم قال : " يا ابن أخي ، لا تقل ذلك ، أولئك الملأ الأكبر من قريش ، أما لو رأيتهم في مجالسهم [ ص: 24 ] بمكة هبتهم " . فوالله ، لأتيت مكة فرأيتهم قعودا في المسجد في مجالسهم ، فما قدرت على أن أسلم عليهم من هيبتهم ، فذكرت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو رأيتهم في مجالسهم لهبتهم " .

                                                                                            قال عدي بن حاتم : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معاشر الناس ، أحبوا قريشا ; فإنه من أحب قريشا فقد أحبني ، ومن أبغض قريشا فقد أبغضني ، إن الله حبب إلي قومي ; فلا أتعجل لهم نقمة ، ولا أستكثر لهم نعمة . اللهم إنك أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرها نوالا ، ألا إن الله تعالى علم ما في قلبي من حبي لقومي فسرني فيهم ، قال الله - عز وجل - : وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون فجعل الذكر ، والشرف لقومي ، في كتابه فقال : وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين يعني : قومي ، فالحمد لله الذي جعل الصديق [من قومي] ، والشهيد من قومي ، والأئمة من قومي ، إن الله قلب العباد ظهرا لبطن ، فكان خير العرب قريش ، وهي الشجرة المباركة التي قال الله - عز وجل - في كتابه : مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء قريشا (أصلها ثابت) يقول : أصلها كرم (وفرعها في السماء ) يقول : الشرف الذي شرفهم الله به بالإسلام الذي هداهم له ، وجعلهم أهله . ثم أنزل فيهم سورة من كتابه محكمة : لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " .

                                                                                            قال عدي بن حاتم : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عنده قريش بخير قط إلا سره ، حتى يتبين السرور في وجهه ، وكان يتلو هذه الآية : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون "
                                                                                            . رواه الطبراني ، وفيه حسين السلولي ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية